للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظُّفُرِ الْوَاحِدِ لَا لإِمَاطَةِ الْأذَىَ حَفْنَةٌ كَشَعْرَةٍ أوْ شَعَرَاتٍ أوْ قَمْلَةٍ أوْ قَمْلَاتٍ وَطَرْحِهَا، كَحَلْقِ مُحْرِمٍ لِمِثْلِهِ مَوْضِعَ الْحِجَامَةِ إلَّا أن يَتَحَقَّقَ نَفْيَ الْقَمْلِ، وتَقْرِيدِ

= عينه وذلك بجلوسه مثلًا في حانوت عطار، أو في بيت تجمر أهله، فلا فدية عليه، مع كراهة التمادي على ذلك. انظر الحطاب.

ومحل ما تقدم إن كان تطيب وهو محرم، فعليه الإِثم والفدية معًا، وهذا لا خلاف فيه، وإن تطيب عند إحرامه قبل أن يحرم، ثم أحرم وبقي به أثر الطيب، فهذا لا يجوز عند أصحابنا، خلافًا لأكثر الصحابة رضوان الله عليهم، وللشافعي، وأحمد، وإسحاق من أصحاب المذاهب، والدليل على ما ذهب إليه الإمام مالك هو ما رواه في الموطإ عن نافع، عن أسلم مولى عمر أن عمر وجد ريح طيب من معاوية وهو محرم، فقال له عمر: ارجع فاغسله. وقد استدل القائلون بجواز الطيب قبل الإِحرام بما يبقى أثره بعد الإِحرام بحديث عائشة المتفق عليه. قالت: كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ثلاث من إحرامه. فهو نص في الموضوع يجب الرجوع إليه في نظري. وما أجاب به أبو الوليد هنا عما ثبت من أن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإِحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف؛ بأنه يحتمل أن تكون طيبته بطيب لا تبقى رائحته، يرد عليه حديثها المتفق عليه: كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ثلاث من إحرامه. فلم يبق لهذا الاحتمال أثر ولا عيثر، كما يرتفع احتماله الثاني الذي أجاب به؛ من أنه يحتمل أن يكون خاصًا به - صلى الله عليه وسلم -، بأن الخصوصية لا تثبت بالاحتمال، والأصل عدم الخصوصية، فلا بد من ثبوتها نصًا، علمًا بأن عمل كثير من الصحابة بذلك - بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دليل على أن ذلك حكم عام، فقد روي عن سعد بن أبي وقاص، وابن الزبير، وعائشة، وروى الشافعي في المسند والأم: رئي ابن عباس محرمًا وعلى رأسه مثل الرُبِّ من الغالية. وسائغ جدًا أن يجاب عن أمر عمر بن الخطاب لمعاوية بغسل أثر الطيب، بأنه لم يبلغه حديث عائشة المتفق عليه. وقد اتفق البخاري ومسلم على إنكارها على ابن عمر قوله: ما أحب أن أصبح محرمًا أنضخ طيبًا؛ لأن أطلى بقطران أحب إليَّ من أن أفعل ذلك. فقالت عائشة: أنا طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند إحرامه، ثم طاف على نسائه ثم أصبح محرمًا. وفي لفظ لهما: كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيطوف على نسائه، ثم يصبح محرمًا ينضخ طيبًا. ا. هـ. والله ولي التوفيق. وهو حسبنا ونعم الوكيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>