للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أو الشيء المصيد أو كلاهما، فنشأ من هذا أن ما صاده المحرم، فلا يحل له أكله بوجه، ونشأ الخلاف فيما صاده غيره. ا. هـ. منه.

ولنضرب الذكر صفحًا عن تتبع ألفاظ المختصر المنبثقة عن الإِجتهاد البحت، والتي لم نلتزم بحلها، غير أني سوف أبذل ما في وسعي من الكلام على صيد المحرم، من حيث بيان ما يجتنب من الصيد، وجواز أكل لحم الصيد للمحرم إذا لم يصد من أجله ولم يأمر به، وما يجوز للمحرم قتله من الوحش، ثم على جزاء الصيد بالنسبة للمحرم والحلال، فأقول وبالله توفيقي:

إنه يجب على المحرم أن يتجنب الصيد؛ قتله وأكله بتاتًا. أما وجوب تجنب قتله عليه فلدليل قوله تعالى في المائدة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} (١) الآية. وقوله: حُرُمٌ، جمع حرام. يقال رجل مُحْرمٌ، وحَرَامٌ، وحِرْمٌ، ومُحِلٌّ، وحَلَالٌ، وحِلٌّ. وأما وجوب تجنب أكله فهو لحديث الصعب بن حثامة رضي الله عنه أنه أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمارًا وحشيًا وهو بالأبواء أو بودَّان، فرده عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما في وجهه قال: "إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ" متفق عليه.

وقال مالك في الموطإ، بعد أن ساق حديث الصعب بن حثامة المتقدم: عن عبد الله بن أبي بكر، عن عبد الرحمن بن عامر بن ربيعة قال: رأيت عثمان بن عفَّان بالعرج وهو محرم، في يوم صائف، قد غطى وجهه بقطيفة أرجوان، ثم أتي بلحم صيد فقال لأصحابه: كلوا، فقالوا: أو لا تأكل أنت؟. فقال: إني لست كهيئتكم، إنما صيد من أجلي. ا. هـ

وفي الموطإ أيضًا: وسئل مالك عن الرجل يضطر إلى أكل الميتة وهو محرم، أيصيد الصيد فيأكله أم يأكل الميتة؟. فقال: بل يأكل الميتة؛ وذلك بأن الله تعالى لم يرخص للمحرم في أكل الصيد ولا في أخذه في حال من الأحوال، وقد أرخص في الميتة في حال الضرورة. قال مالك: وأما ما قتل المحرم أو ذبح من الصيد، فلا يحل أكله لحلال ولا لمحرم لأنه ليس بذكيٍّ - كان خطأ أو عمدًا - فأكله لا يحل، وقد سمعت ذلك من غير واحد. =


(١) سورة المائدة: ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>