= الجزاء ولا يؤكل. قال: وفي الموطإ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إِنَّ إبْراهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي أُحَرِّمُ الْمَدِينَةَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا". قال الباجي: يريد حرتيها. واللابة: الحرة. وهاتان الحرتان؛ إحداهما حيث ينزل الحاج، والأخرى تقابلها شرقي المدينة. قال ابن نافع: وحرتان أخريان أيضًا من ناحية القبلة والجرف. قال ابن نافع: فما بين هذه الحرار في الدور كله يحرم أن يصاب فيه صيد، وحرم قطع الشجر منها على بريد من كل شق حولها كلها. ا. هـ. من بتصرف قليل.
وفي مغني ابن قدامة، قال أحمد: ما بين لابتيها حرام بريدٌ في بريدٍ، كذا فسر مالك بن أنس. وروى أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل حول المدينة اثني عشر ميلًا حمىً. رواه مسلم. ا. هـ.
قال ابن قدامة: فمن فعل مما حُرِّم عليه شيئًا ففيه روايتان: إحداهما: لا جزاء فيه وهذا قول أكثر أهل العلم، وهو قول مالك والشافعي في الجديد؛ لأنه موضع يجوز دخوله بغير إحرام، فلم يجب فيه جزاء كصيد وَجٍّ.
والثانية: يجب فيه الجزاء. روي ذلك عن ابن أبي ذئب، وهو قول الشافعي في القديم وابن المنذر؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إِنِّي أُحَرِّمُ الْمَدِينَةَ مِثْلَ مَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ". فوجب في هذا الحرم الجزاء كما وجب في ذلك، إذ لم يظهر بينهما فرق. ا. هـ. قال: ويفارق حرم المدينة حرم مكة في شيئين:
الأول: إنه يجوز أن يؤخذ من شجر حرم المدينة ما تدعو الحاجة إليه للمساند والوسائد والرحل، ومن حشيشها ما تدعو الحاجة إليه للعلف؛ لما روى الإِمام أحمد عن جابر بن عبد الله، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما حرّم المدينة قالوا: يا رسول الله، إنا أصحاب عمل وأصحاب نضح، وإنا لا نستطيع أرضًا غير أرضنا، فرخِّصْ لنا. فقال:"الْقَائِمَتَانِ وَالْوِسَادَة وَالْعَارِضَةُ وَالْمَسْنَدُ، فَأَمَّا غَيْرُ ذلِكَ فَلَا يُعْضَدُ، وَلَا يُخْبَطُ مِنْهَا شَيْءٌ". قال خارجة. رواه عنه إسماعيل بن أويس. المسند: مرود البكرة. فاستثنى ذلك وجعله مباحًا كاستثناء الإِذخر بمكة.
الثاني: أن من صاد صيدًا خارج المدينة، ثم أدخله إليها لا يلزمه إرساله؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ"؟. فقد أقره على اللعب به. ا. هـ. منه بتصرف. =