للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِحَقٍّ، لَمْ يَحِلَّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ بِلَا إحْرَامٍ، وَلَا يَكْفِي قُدُومُه، وحَبسَ هَدْيَهُ مَعَهُ إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُجْزِهِ عَنْ فَوَاتٍ، وَخَرَجَ لِلْحِلِّ إِنْ أحْرَمَ بِحَرَمٍ، أو أرْدَفَ، وأخَّر دَمَ الْفَوَاتِ لِلْقَضَاءِ، وَأجْزَأ إِنْ قُدِّمَ، وَإن أفْسَدَ ثُمَّ فَاتَ أوْ بالْعَكْسِ، وإنْ بِعُمْرةِ التَّحَلُّلِ، تَحَلَّلَ وَقَضَاهُ دُونَهَا وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ، لَا دَمُ قِرَانٍ ومُتْعَةٍ لِلْفَائِتَ، ولا يُفِيدُ لِمَرَضٍ أوْ غَيْرِهِ، نِيَّةُ التَّحَلُّلِ بِحُصُولِهِ. وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ

= ا. هـ. منه. ودليل ذلك القرآن والسنة. أما القرآن فقوله تعالى في سورة البقرة: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (١). الآية قال ابن جزي في تفسيره: المشهور في اللغة: أحصره المرض - بالألف - وحصره العدو. وقيل: بالعكس. وقيل: هما بمعنى واحد. فقال مالك: هنا أحصرتم بالمرض على مشهور اللغة، فأوجب عليه الهدي، ولم يوجبه على من حصره عدو. وقال الشافعي وأشهب: يجب الهدي على من حصره العدو، وعمل الآية على ذلك، واستدل بنحر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية. ا. هـ منه.

وقد ثبت في الصحيح عن عكرمة قال: قال ابن عباس: قد أحصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحلق، وجامع نساءه ونحر هديه حتى اعتمر عامًا قابلًا. قال البغوي: هذا حديث صحيح. قلت: هو في البخاري في الحج، إذا أحصر المعتمر.

وقوله: ولا يسقط عنه الفرض، قال البغوي: ثم المحصر إن كان حجه حج فرض قد استقر عليه، فذلك الفرض في ذمته، وإن كان هذا أول سنة الوجوب، أو كان تطوعًا، فهل يجب عليه القضاء؟. اختلف أهل العلم فيه؛ فذهب جماعة إلى أن لا قضاء عليه. وهو قول مالك والشافعي. وذهب قوم إلى أن عليه القضاء، محتجين بما روي عن ميمون بن مهران عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه أن يبدلوا الهدي الذي نحروه عام الحديبية، في عمرة القضاء. قال شعيب: أخرجه أبو داود، وفيه عنعنة ابن إسحاق.

وقوله: وإن أحصر عن الإِفاضة، إلى قوله: لم يحل إلا بفعل عمرة، قال البغوي: لو أحصر عن الوقوف بعرفة، وعن دخول مكة، ثم انكشف العدو بعد الفوات لوقت الوقوف بعرفة، قبل أن يتحلل،=


(١) سورة البقرة: ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>