للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= " إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَسَمَّيْتَ فَأَمَسَكَ وَقَتَلَ فَكُلْ". الحديث. قال البغوي: والتعليم أن يوجد فيه ثلاث شرائط: إذا أُشْليَ استشلى، وإذا زجر انزجر، وإذا أخذ الصيد أمسك ولم يأكل. فإذا فعل ذلك مرارًا - وأقلها ثلاث مرات - كان معلمًا يحل بعد ذلك ما قتله.

وقوله: بإرسال بيده، قال الحطاب: قال في المدونة: ولو أثار صيدًا فأشلي عليه وهو مطلق، فانشلى وصاد من غير أن يرسله من يده، فإنه يؤكل ما صاده. قاله مالك ثم رجع فقال: لا يؤكل حتى يطلقه من يده مرسلًا له مشليًا. ا. هـ. محل الغرض منه.

قلت: والدليل إلى جانب ما رجع إليه مالك؛ من أن الإِرسال من جهة الصائد شرط، لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عدي بن حاتم: "إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ" قال البغوي: ولو خرج الكلب بنفسه فأخذ صيدًا وقتله لا يكون حلالًا. أجمعت الأمة على ذلك لقوله سبحانه وتعالى: {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} (١).

(٤) وقوله: أو أكل، عاطفًا على ما يجوز أكله، دليله ما أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف: حدثنا أبو بكر قال: نا حفص بن غياث عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر قال: كل وإن أكل. وحدثنا أبو بكر قال: نا عبد الله بن نمير ووكيع عن ابن أبي ذئب عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن حميد بن مالك قال: سألت سعد بن أبي وقاص قلت: إن لنا كلابًا ضواري نرسلها على الصيد فتأكل وتقطع. فقال: وإن لم يبق إلا بعضه. ثم ساق ابن أبي شيبة إسنادًا بذلك عن كل من سعيد بن المسيب، وأبي هريرة، وابن عمر. وأيضًا فقد روى أبو داود والإِمام أحمد من حديث أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، وَإِنْ أَكَلَ". وبذلك يقول سعد بن أبي وقاص، وسلمان، وأبو هريرة، وابن عمر. حكاه عنهم الإِمام أحمد، وبه قال مالك، وهو رواية عن الشافعي، وذلك أخذًا بظاهر قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} (٢). وحملًا للنهي الوارد في حديث عدي بن حاتم على الكراهة جمعًا بين الأدلة. قالوا: لأن عديًا لما كان ممن وسع الله عليهم، نهاه عن أكل ما أكل منه الكلب، خشية أن لا يكون أخذه لصائده، وأبو ثعلبة الخشني محتاج، فأمره بالأكل مما أمسك وإن أكل. والله تعالى أعلم.


(١) سورة المائدة: ٣.
(٢) سورة المائدة: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>