= المذهب أن الطير كله مباح؛ ذو المخلب وغيره. ا. هـ. منه.
قلت: وكيف لنا بحديث ابن عباس عند مسلم. قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير، وهو عند ابن أبي شيبة قال: حدثنا هشيم بن أبي بشر، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس، قال: نهي عن كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير، قال وحدثنا هاشم بن القاسم، عن عكرمة، عن عمارة، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن جابر قال: حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطَير.
ولا يخفى على أحد أن الإِمام ومن وافقه؛ كالليث، والأوزاعي، ويحيى بن سعيد، يحتجون في إباحة ذي المخلب من الطير بقوله تعالى:{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً}(١). وأمثالها في النحل والبقرة. قالوا: لا يسعنا أن نعمد إلى هذا الحصر للمحرمات الذي تكرر نزوله بمكة في الأنعام والنحل، وفي المدينة في البقرة، فنطرحه لخبر آحاد. ويمكن الجمع بين الدليلين بأن يحمل ما ورد في الحديث من النهي على الكراهة للتنزيه، وأن تترك الآيات على ظاهرها وعلى عمومها، غير أنه لا يمكن إبقاء الغراب والحدأة في هذا العموم - حسب ما أراه - وذلك لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سماهما من الفواسق قال:"خَمْسٌ مِنَ الْفَوَاسِقِ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ، وَالْفَأْرَةُ، والعَقْرَبُ، والْكَلْبُ الْعَقُورُ". أخرجه أبو داود عن أبي هريرة. وورد نحو هذا عن عائشة في صحيح مسلم والنسائي وابن ماجه بلفظ:"الْحَيَّةُ وَالْغُرَابُ الْأبْقَعُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْحُدَيَّاتُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ". ومثله لأحمد عن ابن عباس. فهذه الفواسق محرمة الأكل، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أباح قتلها في الحرم. ومعلوم أنه لا يجوز قتل صيد مأكول في الحرم. وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: من يأكل الغراب؟. وقد سماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاسقًا.
وعلى كل حال، فإن من أدلة المذهب على أن الطير كله حلال، ما روى ابن أبي شيبة قال: حدثنا عباد عن حجاج أنه كان لا يرى بالطير كله بأسًا، إلا إن تقذر منه شيئًا. وحدثنا عباد عن حجاج عمن سمع إبراهيم، مثله. وحدثنا وكيع عن أبي مكين عن عكرمة قال: ما لم يحرم عليك فهو لك حلال. انتهى وبالله تعالى التوفيق.