للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ يَتِيمًا (١)، بِجَذَعِ ضَأْنٍ، وَثَنِيِّ مَعْزٍ، وَبَقَرٍ وَإِبِلٍ ذِي سَنَةٍ وثَلَاثٍ،

= والليث، وأبي حنيفة أنهم يقولون: هي واجبة، لما روى أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا". وعن مَحْنِفِ ابن عُلَيْم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أَضْحَاةً وعَتِيرةً". فأما حديث أبي هريرة فقد أخرجه أحمد وابن ماجه. وأما حديث مَحْنِف فهو لأحمد والبيهقي وأصحاب السنن الأربعة.

قال: وأكثر أهل العلم يرون أنها سنة مؤكدة. روي ذلك عن أبي بكر، وعمر، وبلال، وأبي مسعود البدري رضي الله عنهم. وبه قال سويد بن غفلة، وسعيد بن المسيب، وعلقمة، والأسود، وعطاء، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وابن المنذر، واحتجوا بما رواه الدارقطني عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ثَلَاثٌ كُتِبَتْ عَلَيَّ وَهُنَّ لَكُمْ تَطَوُّعٌ". وفي رواية: "الْوَتْرُ، وَالنَّحْرُ، وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ". ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ أرَادَ أنْ يُضَحِّيَ فَدَخَلَ الْعَشْرُ فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعَرِهِ وَلَا بَشَرَتِهِ شيئًا". رواه مسلم. ا. هـ. منه.

والَّذِي في الموطإ: قال مالك: "الضَّحِيَّةُ سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ، وَلَا أُحِبُّ لِأحَدٍ مِمَّنْ قَوِيَ عَلَى ثَمَنِهَا أَنْ يَتْرُكَهَا". ا. هـ. ولعلهم حملوا الأحاديث الدالة على الوجوب، على تأكيد الاستحباب، مثل ما ورد في غسل الجمعة: "وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ". أخرجه مالك، وأحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، ومثل ما ورد من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أكَلَ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا". أصله في الشيخين.

وقوله: لا تجحف، قال ابن بشير: لا يؤمر بها من تجحف بماله. قاله المواق. ولعل ذلك لما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ" الحديث. فإن فحواه أن من لم تكن له سعة غير مطالب بها. وأيضًا فإن قول مالك: وما أحب لأحد ممن قدر على ثمنها أن يتركها. يفيد بفحواه أيضًا أن من لم يقو على ثمنها غير مطالب بها. والله الموفق.

(١) قوله: وإِنْ يتيمًا، قال المواق: وسئل مالك عن اليتيم يكون له ثلاثون دينارًا أيُضَحِّي عنه وليه بالشاة، بنصف دينار ونحوه؟. قال: نعم، ورزقه على الله.

قلت: لم أقف على أمر تعبدي بالتضحية عن اليتيم من ماله، وأما القياس فإنه يدل على عدم ذلك؛ لأنها إن كانت واجبة، فالصبي ليس من أهل الخطاب حتى يبلغ، وإن كانت تطوعًا، فأحرى =

<<  <  ج: ص:  >  >>