للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فعل كذا فهو يهودي أو نصراني، أو بريء عن الإِسلام، ففعل، قالوا: عليه كفارة يمين. وبه قال النخعي، والأوزاعي، والثوري. وأصحاب الرأي، وأحمد، وإسحاق.

وقال قوم: قد أتى هذا على أمر عظيم ولا كفارة عليه. وهو قول أهل المدينة. وبه أخذ مالك، والشافعي، وأبو عبيد، مستدلين بقوله - صلى الله عليه وسلم - من حديث أبي هريرة: "مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِي حَلفِهِ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى: فَلْيَقُلْ: لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ". وهو من حديث متفق عليه.

وروي عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قَالَ: إِنِّي بَرِيءٌ مِنَ الإِسْلَامِ، فَإنْ كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ، وإنْ كَانَ صَادِقًا فَلَنْ يَرْجِعَ إلَى الإِسْلَامِ سَالِمًا". أخرجه أبو داود في الأَيمان والنذور، وابن ماجه في الكفارات. قال شعيب: وإسناده لا بأس به.

تنبيه: اليمين مكروهة إلا فيما فيه لله طاعة. قال الله تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا} (١). أي لا تجعلوا الله مانعًا لكم عن البر؛ فإن حلف على ترك مستحب أو على فعل مكروه، فالأفضل له أن يحنث نفسه، ويكفّر، وإلا فحفظ اليمين أولى. قال تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} (٢). أي احفظوها بعد ما حلفتم من الحنث. وقيل معناه: لا تحلفوا. وهذا قول الجمهور.

وقال قوم: من حلف على معصية وجب عليه الحنث، ولا كفارة عليه. يروى ذلك عن سعيد بن جبير. ودليل هذا القول ما أخرجه أبو داود بسنده عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال: نزل بنا أضياف، وكان أبو بكر يتحدث مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالليل، فقال: لا أرجعن إليك حتى تنتهي من ضيافة هؤلاء ومن قراهم. فأتاهم بقراهم فقالوا: لا نطعمه حتى يأتي أبو بكر. فجاء فقال: ما فعل أضيافكم؟. أفرغتم من قراهم؟. قالوا: لا. قلت: قد أتيتهم بقراهم فأبوا وقالوا: والله لا نطعمه حتى يجيء. فقالوا: صدق، قد أتانا به فأبينا حتى تجيء. قال: فما =


(١) سورة البقرة: ٢٢٤.
(٢) سورة المائدة: ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>