للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (٤) أما منع الحدث للصلاة؛ فلحديث مصعب بن سعد، وحديث أبي هريرة كلاهما عند ابن خزيمة، لفظ الأول: "لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ". ولفظ الثاني"لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ إِلَّا بِطُهُورٍ وَلَا صَدَقَة مِنْ غلُولٍ".

وأما الطواف فاشتراط الطهارة له لحديث عائشة، حين حاضت بسرف، فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم- "اسْتَذْفِرِي وَافْعَلِي كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا الطَّوَافَ" أو كما قال -صلى الله عليه وسلم-. ودعاؤه -صلى الله عليه وسلم- ليلة نزوله من منى صفية بنت حُيَي رضي الله عنها فقيل: إنها حائض. فقال"حَلْقَى عَقْرَى أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ ". قالت عائشة: إنها أفاضت مع الناس يوم طواف الإِفاضة. قال: "لَا إِذًا". يدل أيضًا على أن عدم الطهارة مانع للطواف. والله الموفق.

وأما منع الحدث لمس المصحف ولو بقضيب؛ فإن دليل ذلك قوله تعالى {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (١). الآية، فإن قوله تعالى. {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.

يجعل الضمير في يَمَسهُ ظاهرًا في القرآن، لا يجوز صرفه عنه إلى اللوح المحفوظ إلا لدليل صريح صحيح ولا دليل كذلك، فتعين حمله عليه، وعلى ذلك الجمهور. وأيضًا فقد روى الدَّارقُطْنِي عن سليمان بن موسى قال: سمعت سالمًا يحدث عن أبيه فقال: قال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: "لَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ". وأخرج أيضًا عن حسان بن بلال عن حكيم بن حزام أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَا تَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا وَأَنْتَ عَلَى طُهْرٍ". ا. هـ. والله الموفق. أنظر المبحث النفيس في المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود للشيخ محمود محمد خطاب السبكي.

(٥) أما ما استثناه من جواز اللوح والجزء للمعلم والمتعلم والحائض المتعلمة دون الجنب؛ فإنما هو للقاعدة الشرعية العظيمة: [المشقة تجلب التيسير] ودليلها القرآن كما تقدم: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (٢). وإنما جاز للحائض دون الجنب لتعذر الغسل عليها دونه، ولأنها ربما يطول عليها الدم فتنسى ما حصلت من القرآن. والله تعالى أعلم.

(٦) نقل الشيخ محمود محمد خطاب السبكي في شرح أبي داود ما نصه: ونقل ابن جرير الطبري =


(١) سورة الواقعة ٧٩ - ٨٠.
(٢) سورة الأنعام: ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>