= وقال:"خُذُوهَا يَا بَنِي أَبِي طَلْحَةَ خَالِدَةً تَالِدَةً لَا يَنْزعُهَا مِنْكُمْ إِلَّا ظَالِمٌ". ثم ذكر الحطاب بحثًا في أن هؤلاء درجوا أو أنهم باقون رجح فيه بقاءهم إلى أيامه وقال: إنه كان في سنة تسعمائة وأربعين هجرية. بل قال: إن في الحديث المتقدم إشارة إلى أن هذه العائلة باقية، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "خَالِدَةً تَالِدَةً" فقد قال أهل العلم: لا يجوز نزع السدانة منهم. بل أعظم مالك أن يشرك غيرهم معهم لأنها ولاية ولاها إياهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال المحب الطبري: هذا إذا حافظوا على حرمة البيت، ولازموا في خدمته الأدب، أما إذا لم يحفظوا حرمته، فلا يبعد أن يجعل عليهم مشرف يمنعهم من هتك حرمته.
قال: وربما نزع البليد بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَكُلُوا بِالْمَعْرُوفِ". فاستباح أخذ الأجرة على دخول البيت، ولا خلاف بين الأمة في تحريم ذلك، وأنه من أشنع البدع وأقبح الفواحش. وهذه اللفظة إن صحت، يستدل بها على إقامة الحرمة لأن أخذ الأجرة ليس من المعروف، وإنما الإِشارة - والله أعلم - إلى ما يقصدون به من البر والصلة على وجه التبرر فلهم أخذه لا محالة، أو إلى ما يأخذونه من بيت المال على ما يتولونه من خدمته والقيام بمصالحه فلا يحل لهم من ذلك إلا بقدر ما يستحقونه.
ونقل الحطاب قال: وما ذكره المحب الطبري من أنهم يمنعون من هتك حرمته، هو الحق الذي لا شك فيه، لا كما يعتقده بعض الجهلة من أنه لا ولاية لأحد عليهم، وأنهم يفعلون في البيت الشريف ما شاؤُوا، فإن هذا لا يقوله أحد من المسلمين، وإنما المحرم نزع المفتاح منهم، وأما إجراء الأحكام الشرعية عليهم، ومنعهم مما فيه انتهاك لحرمة البيت أو قلة أدب، فهذا واجب لا يخالف فيه أحد من المسلمين، وما ذكره من تحريم أخذ الأجرة على فتح البيت أيضًا ظاهر لا يشك فيه، ووجهه أن أخذ الأجرة إنما يجوز على ما يختص الإِنسان بمنفعته والانتفاع به، والبيت لا يختص به أحد دون أحد، فلا يجوز لهم أخذ الأجرة على فتحه، وإنما لهم الولاية على فتحه وإغلاقه في الأوقات التي جرت العادة بفتحه فيها، ولا يجوز لهم إغلاقه ومنع الناس منه دائمًا. والله أعلم. ا. هـ. منه.
قلت: وهذا ما جعل أولياء الأمور اليوم يجعلون لرئاسة شئون الحرمين الإشراف على ذلك - والله =