= ركعتين، خرج من نذره قال: ولو نذر إتيان مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو الأقصى يلزمه، على أصح القولين؛ كما لو نذر إتيان المسجد الحرام ثم إذا أتاه يعتكف فيه، أو يصلي، أو إذا أتى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زار قبره - صلى الله عليه وسلم -. قال: وفيه قول آخر أنه لا يلزمه الإِتيان، كما لو نذر أن يأتي مسجدًا آخر، سوى هذه المساجد الثلاثة، لا يلزمه الإِتيان لا خلاف فيه، بخلاف المسجد الحرام، لأنه مخصوص من بين سائر المساجد بوجوب المصير إليه بأصل الشرع للحج أو العمرة. والأول أصح، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - خص هذه المساجد الثلاثة من بين سائر المساجد في قوله:"لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ؛ مَسْجِدِي هذَا وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأقْصَى". أو كما قال - صلى الله عليه وسلم -. فعلى هذا لو نذر المرء أن يصلي في مسجد من هذه المساجد الثلاثة، لزمه النذر والوفاء به، لمزية الصلاة فيها على غيرها.
قلت: وفي هذا الحديث دلالة اقتضاء واجبة التقدير، لتوقف صدق الكلام على تقديرها، والمقام مقام وجوب الصدق، لأن المتكلم بهذا الحديث: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (١). وتقدير الكلام: لا تشد الرحال - إلى مسجد للصلاة فيه - إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى. أي وذلك لمزية الصلاة فيها على غيرها، كما يبينه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ". ولذلك فقد قال العلماء أن من نذر أن يصلي في موضع غير هذه الثلاثة، لا يلزمه شيء لعدم تفاوت =