= الأنصار، وناقة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فكانت المرأة والناقة عندهم، ثم انفلتت المرأة، فركبت الناقة، فأتت المدينة، فعرفت ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني نذرت لئن أنجاني الله عليها لأنحرنَّها. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بِئْسَ مَا جَزَيْتِهَا أَنْ نَجَّاكِ اللهُ عَلَيْهَا أَنْ تَنْحَرِيهَا. لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ". وأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - ناقته. وهذا الحديث رواه مسلم، ولم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه بكفارة.
واعلم أن النذر على الرغم مما ورد في ذمه، ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه؛ كحديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إِنَّ النَّذْرَ لا يُقَرِّبُ مِنِ ابْنِ آدَمَ شَيْئًا لَمْ يَكُنِ اللهُ قَدَّرَهُ لَهُ، وَلكِنَّ النَّذْرَ يَوَافِقُ الْقَدَرَ، فَيَخْرُجُ بِذلِكَ مِنَ الْبَخِيلِ مَا لَمْ يَكُنِ الْبَخِيلُ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَهُ". متفق عليه. وكحديثه الآخر؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لَا تَنْذُرُوا فَإِنَّ النَّذْرَ لا يُغْنِي مِنَ الْقَدَرِ شَيْئًا وإنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ". متفق عليه أيضًا. فإن الله تعالى قد أنزل في كتابه العزيز الثناء على قوم يوفون بنذورهم، قال تعالى:{يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا}(١). وأخرجه الدارمي في سننه بسنده عن ابن عباس، أن امرأة نذرت أن تحج، فماتت، فجاء أخوها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن ذلك فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ"؟. قال: نعم. قال:"فَاقْضُوا النَّذْرَ فَالنَّذْرُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ".
وفي الموطإ والبخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"مَنْ نَذَرَ أنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أنْ يَعْصِى اللهَ فَلَا يَعْصِهِ". وقد نقل البغوي عن الخطابي قال: معنى نهيه عن النذر إنما هو التأكيد لأمره، وتحذير من التهاون به بعد إيجابه، ولو كان معناه الزجر عنه حتى لا يفعل، لكان إبطال حكمه، وإسقاط لزوم الوفاء به، إذا صار معصية، وإنما وجه الحديث أنه أعلمهم أن ذلك أمر لا يجلب لهم في العاجل نفعًا، ولا يصرف عنهم ضرًا، ولا يرد شيئًا قضاه الله، فكأنه يقول: لا تنذروا على أنكم تدركون بالنذر شيئًا لم يقدره الله لكم، أو تصرفون عن أنفسكم شيئًا جرى القضاء به عليكم، وإذا فعلتم ذلك فاخرجوا منه بالوفاء، فإن الذي تنذرونه يلزمكم. قال: هذا معنى الحديث ووجهه. وقد أجمع المسلمون على وجوب الوفاء بالنذر إذا لم يكن معصية. ا. هـ. منه. والله الموفق. =