= قالوا: وأما من لم تبلغه الدعوة من الكفار، ممن بعدت داره ونأى محله، فإنه لا يقاتل حتى يدعى إلى الإِسلام، فإن قتل منهم واحد قبل الدعوة، وجبت فيه الكفارة والدية. وبالله تعالى التوفيق.
(٢) وقوله: وقتلوا إلا المرأة إلا في مقاتلتها، قال المواق: ولو قال إلا المرأة والصبي إلا في مقاتلتهما لكان أبين. قال ابن عرفة: يقتل كل مقاتل حال قتاله: ولو كان شيخًا كبيرًا. وفي الحطاب، قال الرجراجي: إذا غنم من العدو ذوي القوة من الرجال فالإِمام مخير فيهم في خمسة أشياء: القتل، أو الجزية، أو الفداء، أو المن، أو الاسترقاق. وأما النساء، فإن كففن أذاهن عن المسلمين ولزمن قعر بيوتهن، فلا خلاف في تحريم قتلهن - وإن شعرن في مدح القتال وذم الفرار - فإن قاتلن وباشرن القتال، فلا خلاف في جواز قتلهن في حين القتال في المسايفة؛ لوجود المعنى المبيح لقتلهن. وكذلك يباح قتلهن بعد الأسر إذا قَتلْن؛ فإن رمين بالحجارة ولم يظهرن النكاية، ولا قتلن أحدًا، فلا يقتلن بعد الأسر اتفاقًا. قال: والمراهق كالنساء في جميع ما ذكر. واختلف فيه إذا أنبت ولم يحتلم. وفي مسلم والبغوي من حديث ابن بريدة عن أبيه قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث جيشًا قال:"أُغْزُوا بِاسْمِ اللهِ، وَفِي سَبِيلِ اللهِ، قَاتِلُوا مَنَ كَفَرَ بِاللهِ، لَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَقْتُلُوا امْرَأَةً وَلَا وَليدًا وَلَا شَيْخًا كَبِيرًا. وَإِذَا حَاصَرْتُمْ أَهْلَ مَدِينَةٍ أَوْ أَهْلَ حِصْنٍ، فَادْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ، فَإِنْ شَهِدُوا أَلَّا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَلَهُمْ مَا لَكُمْ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْكُمْ، فَإِنْ أَبوْا فَادْعُوهُمْ إِلَى الْجِزْيَةِ يُعْطُونَكُمْ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ، فَإِنْ أَبَوْا فَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ". قال البغوي: هذا حديث صحيح. أخرجه مسلم عن حجاج بن الشاعر، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن شعبة.
قلت: وقد صحت الرواية أنه - صلى الله عليه وسلم - قتل فيمن قتل من بني قريظة، المرأة التي رضخت أحد أصحابه بحجر دحرجته عليه من فوت الحصن. وفي ذلك الدليل على أنها إن قَتلت قُتلت ولو بعد الأسر. والله الموفق.
قال البغوي: واختلفوا في الشيوخ، والزمنى، والعميان، والرهبان؛ فذهب قوم إلى أنهم لا =