للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} إلى قوله {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} (١). الآية قال عمر: هذه الآية قد استوعبت الناس كلهم، فلم يبق أحد منهم إلا وله في هذا المال حق، حتى الراعي بعدي. وقال أبو عبيد: وإلى هذه الآية ذهب عليّ ومعاذ رضي الله تعالى عنهما. وأشار عمر بإقرار الأرض لمن يأتي بعده.

قال: وقد اختلف العلماء في حكم الأرض، قال أبو عبيد: وجدنا الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء بعده قد جاءت في افتتاح الأرض ثلاثة أحكام: أرض أسلم أهلها عليها؛ فهي لهم ملك؛ وهي أرض عشر لا شيء فيها غيره. وأرض افتتحت صلحًا على خراج معلوم؛ فهم على ما صولحوا عليه لا يلزمهم أكثر منه. وأرض أخذت عنوة؛ وهي التي اختلف فيها المسلمون، فقال بعضهم: سبيلهم سبيل الغنيمة؛ فيكون أربعة أخماسها حصصًا بين الذين افتتحوها خاصة، والخمس الباقي لمن سمى الله. قال ابن المنذر: وهذا قول الشافعي، وأبي ثور، وبه أشار الزبير بن العوام على عمرو بن العاص حين افتتح مصر.

قال أبو عبيد: بل حكمها والنظر فيها إلى الإِمام؛ فإن رأى أن يجعلها غنيمة فيخمسها ويقسمها. كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فذلك له. وإن رأى أن يجعلها موقوفة على المسلمين ما بقوا، كما فعل عمر بالسواد فذلك له. وهو قول أبي حنيفة، وصاحبيه، والثوري فيما حكاه الطحاوي، وقال مالك: يجتهد فيها الإِمام، وقال في القنية: العمل في أرض العنوة على فعل عمر رضي الله تعالى عنه أن لا تقسم وتقر بحالها، وقد ألح بلال وأصحاب له على عمر في قسم الأرض بالشام، فقال: اللهم اكفنيهم. فما أتى الحول وقد بقي منهم أحد. ا. هـ. منه.

وقال ابن حجر في فتح الباري في الكلام على هذا الحديث في كتاب الحرث والمزارعة: تأول عمر قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} (٢). فرأى أن للآخرين أسوة بالأولين، فخشي - لو قسم ما يفتح - أن تكمل الفتوح فلا يبقى لمن يجيء بعد ذلك حظ في الخراج، فرأى أن توقف الأرض المفتوحة عنوة، ويضرب عليها خراج يدوم نفعه للمسلمين. قال: وقد اختلف =


(١) سورة الحشر: ٧ - ١٠.
(٢) سورة الحشر: ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>