للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= نظر العلماء في قسمة الأرض المفتوحة عنوة على قولين شهيرين - كذا قال - قال: وفي المسألة أقوال أشهرها ثلاثة: فعنْ مالك: تصير وقفًا بنفس الفتح. وعن أبي حنيفة والثوري: يتخير الإِمام بين قسمتها ووقفيتها. وعن الشافعي، يلزمه قسمتها إلَّا أن يرضى بوقفيتها مَنْ غَنمها. قال: وسيأتي بقية كلام عليه في أواخر الجهاد إن شاء الله تعالى.

قلت: ذلك هو قوله في الكلام على نفس الحديث في كتاب فرض الخمس ما نصه: ووجه أخذه من الترجمة، أن عمر في هذا الحديث أيضًا قد صرح بما يدل على هذا الأثر، يعني "الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ". إلا أنه عارض عنده حسن النظر لآخر المسلمين، فيما يتعلق بالأرض خاصة، فوقفها على المسلمين، وضرب عليها الخراج الذي يجمع لمصلحتهم، وتأول قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} (١) الآية. وروى أبو عبيد في كتاب الأموال، من طريق ابن إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن عمر، أنه أراد أن يقسم السواد، فشاور في ذلك، فقال له عليٌّ: دعهم يكونوا مادة للمسلمين. فتركهم. ومن طريق عبد الله بن أبي قيس أن عمر أراد قسمة الأرض فقال له معاذ: إن قسمتها صار الريع العظيم في أيدي القوم يبتدرون، فيصير إلى الرجل الواحد أو المرأة، ويأتي القوم يسدون من الإِسلام مسدًّا فلا يجدون شيئًا، فانظر أمرًا يسع أولهم وآخرهم، فاقتضى رأي عمر تأخير قسم الأرض، وضرب الخراج عليها للغانمين ولمن يجيء بعدهم، فبقي ما عدا ذلك على اختصاص الغانمين به - وبه قال الجمهور - إلى أن قال: قال ابن المنير: وجه احتجاج عمر بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} أن الواو عاطفة فيحصل اشتراك من ذكر في الإِستحقاق، والجملة في قوله تعالى: {يَقُولُونَ} في موضع الحال؛ فهي كالشرط للإِستحقاق. والمعنى أنهم يستحقون في حالة الإِستغفار. قال: ولو أعربناها بأنها استئنافية؛ للزم أن كل من جاء بعدهم يكون مستغفرًا لهم، والواقع بخلافه، فتعين الأول. ا. هـ. منه.

وواضح من تفسير ابن جزي الكلبي جعل قوله تعالى: {يَقُولُونَ} في موضع الحال، قال: وقيل: يعني من جاء بعد الصحابة؛ وهم التابعون ومن تبعهم إلى يوم القيامة. وعلى هذا حملها =


(١) سورة الحشر ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>