للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي الصُّلْحِ إنْ أُجْمِلَتْ فَلَهُمْ أرْضُهُمْ، والْوَصِيَّةُ بِمَالِهِمْ وَوَرِثُوهَا، وإنْ فُرِّقَتْ عَلَى الرِّقَابِ فِهيَ لَهُمْ، إلَّا أنْ يَمُوتَ بِلا وَارِثٍ فَلِلْمُسْلِمِينَ، وَوَصِيَّتُهُمْ في الثُّلُثِ وَإنْ فُرِّقَتْ عَلَيْهَا أوْ عَلَيْهِمَا فَلَهُمْ بَيْعُهَا، وَخَراجُهَا عَلَى الْبَائِعِ، ولِلْعَنَوِيِّ إحْدَاثُ كَنِيسَةٍ إِنْ شُرِطَ، وَإلَّا فَلَا؛ كَرَمِّ المَنْهَدِمِ.

ولِلِصُّلْحِيِّ الإِحْدَاثُ (١)، وبَيْعُ عَرْصَتِهَا، أوْ حَائطٍ، لَا بِبَلَدِ الإِسْلامِ إلَّا لِمَفْسَدَةٍ أعْظَمَ. وَمُنِعَ رُكُوبَ الْخَيْلِ والْبِغَالِ والسُّرُوجِ وجَادَّةَ الطَّريقِ، وأُلْزِمَ

= وتؤوّل هذا على وجهين: الأول، إن معناه أن الأرض المفتوحة صلحًا، وعلى أن تكون لأهلها، وضرب عليها خراج معلوم، فهو جزية. فإذا أسلم أهلها سقط عنهم ذلك، كما تسقط الجزية عن أنفسهم، بخلاف ما إذا كان وقع الصلح على أن الأرض للمسلمين، فإنهم إذا أسلموا لا يسقط الخراج عمن يزرعها لأنه أجرة الأرض.

الوجه الثاني: هو أن الذميَّ إذا تم عليه الحول، فأسلم قبل أداء جزية ذلك الحول، تسقط عنه تلك الجزية، وهو محل خلاف؛ ذهب أكثرهم إلى سقوطها. وروي ذلك عن عمر. وقال الشافعي: لا تسقط بالإِسلام ولا بالموت؛ لأنه دين حل عليه أجله كسائر الديون.

(١) وقوله: وللصلحي الإِحداث، قال الحطاب: في المدونة في كتاب الجعل والإِجارة: ولهم أن يحدثوها - أي الكنائس - في بلد صولحوا عليها. انتهى.

قال ابن عرفة: ويجوز لهم الإِحداث بأرض الصلح إن لم يكن بها معهم مسلمون، وإلا ففي جوازه قولان: القول بالجواز لابن القاسم، والقول بالمنع لابن الماجشون قائلًا: ويمنعون من رمّ قديمها إلا أن يكون شرطًا فيوفى. قال المواق: وتبين بهذا أن للصلحي الإِحداث - كرمّ المنهدم - على قول ابن القاسم. ا. هـ.

لطيفة: حكى الحطاب عن المتيطي أن الوليد بن عبد الملك هدم كنيسة للروم، كان أبوه قد أذن لهم فيها بوجه اقتضى ذلك، فكتب ملكهم إلى الوليد يقول: إن أباك قد أذن لنا في البناء لوجه اقتضى ذلك، وأنت هدمتها، فإما أن أباك كان مصيبًا وأخطأت، وإما أن تكون أصبت وأخطأ أبوك. قال: فأشكل على الوليد الجواب، وطلبه من أهل الفطنة، حتى تكلم في ذلك مع =

<<  <  ج: ص:  >  >>