للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= حنيفة وأحمد؛ ودليل الجمهور أن الأصل عدم الوجوب، فلا وجوب إلا بورود الشرع بالوجوب، ولم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمرها بالغسل إلا مرة واحدة عند انقطاع حيضها، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي" وأصح شيء في الباب ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فَاغْتَسِلِي ثُمَّ صَلِّي". فكانت تغتسل عند كل صلاة ولا يخفى أن اغتسالها ذلك رضي الله عنها لكل صلاة كان تطوعًا منها، إذ لم يرد أنه أمرها -صلى الله عليه وسلم- بذلك. أنظر نيل الأوطار. وسوف يأتي مزيد بيان لهذا المبحث في محله إنشاء الله.

(٤) المذهب أن الكافر إذا أسلم وجب عليه الغسل، سواء كان أصليًا أو مرتدًا، اغتسل قبل إسلامه أو لم يغتسل، وجد منه قبل إسلامه ما يوجب الغسل أو لم يوجد. وبه قال أبو ثور وابن المنذر. وقول المختصر هنا: [بما ذكر] ينزع به إلى ما نسبه ابن قدامة للشافعي؛ أي أنه إذا كان أجنب قبل الإصلام وجب عليه الغسل سواء أكان اغتسل قبل الإسلام أو لم يغتسل. أما أبو حنيفة فلا غسل عنده على من أسلم بحال، قال: لأن الجم الغفير أسلموا، فلو أمر كل من أسلم بالغسل لنقل إلينا تواترًا، غير أن قصة إسلام كل من ثمامة بن أثال وقيس بن عاصم رضي الله عنهما، وأمر كل واحد منهما بالاغتسال فيه الدليل على وجوب الغسل على من أسلم. وبالله تعالى التوفيق.

(٥) دليله أن بعض روايات حديث إسلام ثمامة بن أثال أنه ذهب فاغتسل ثم رجع فأسلم، وأيضًا قد روي أن أسيد بن حضير وسعد بن معاذ الأشهليين حين أرادا الإسلام سألا مصعب بن عمير وأسعد بن زرارة: كيف تصنعون إذا دخلتم في هذا الدين؟. قالا: نغتسل ونشهد شهادة الحق.

(٦) أما صحة الإسلام وإجراء أحكامه الظاهرة لابد فيها من النطق باللسان لكلمة الإِخلاص، مع الجزم بها اعتقادًا، إلا إذا كان المرء عاجزًا عن النطق لخرس مثلًا، والمبحث معلوم في محله. والله الموفق.

قال الشيخ محمد العاقب بن مايابي في نوازله:

إن جاهل بأرض كفر خلقا … بكلمة الإخلاص جهرًا نطقا

أحكام الإسلام عليه الظاهرة … تجرى ولا تنفعه في الآخرة =

<<  <  ج: ص:  >  >>