(١) قوله: وللمنيِّ تدفق الخ. يريد به ليميز بينه وبين المذي الذي ليسر فيه إلا غسل الذكر والوضوء، ومن أكبر ما يتميز به المنيُّ خروجه بتدفق، وفي حديث حصين بن قبيصة عن عليٍّ رضي الله عنه:"إِذَا رَأَيْتَ الْمَذِيَّ فَاغْسِلْ ذَكَرَكَ وَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلْصَّلَاة فَإِذا نَضَحْتَ الْمَاءَ فاغْتسِلْ". رواه البيهقي، وفي حديث أنس بن مالك أن أم سليم حدثت أنها سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل في منامه فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا رَأَتْ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ فَلْتغْتَسِلْ" فقالت أم سلمة: واستحييت من ذلك. قالت: وهل يكون هذا؟. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ إِنَّ مَاءَ الرجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضٌ وَمَاءُ الْمَرْأَة رَقِيقٌ أَصْفَرُ فَأَيُّهُمَا عَلَا أَوْ سَبَق يَكُونُ مِنْهُ الشَّبَهُ"، رواه البيهقي وقال: لفظ حديث العباس، رواه مسلم عن العباس بن الوليد النرسي. ا. هـ. قلت: ولم أقف على أثر يصف المني برائحة الطلع والعجين، ولعل المصنف أخذ ذلك من الاستقراء. والله الموفق.
(٢) قوله ويجزئ عن الوضوء الخ. لحديث أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة قالت: كان رسول اللهُ -صلى الله عليه وسلم- لا يتوضأ بعد الغسل من الجنابة. رواه البيهقي. وأيضًا فإن القاعدة العامة: هل يندرج الأصغر في الأكبر؟ والعمل جار على أنه يندرج فيه قطعًا في الغسل والقران، وبعض فروع ذكرنا بعضًا منها في الكلام على قول المختصر: وإن نوت الحيض والجنابة أو أحدهما ناسية للآخر، أو نوى الجنابة والجمعة أو نيابة عن الجمعة حصلا، وقد أغنى ذلك عن إعادته هنا فليراجع هناك. وبالله تعالى التوفيق.
أما ما ذكره المصنف بقوله: ولو ناسيًا لجنابته الخ. ليس جار على أصول مذهبنا فيما أرى؛ لأن نية رفع الحدث الأكبر لا تجزئ عنها نية الحدث الأصغر، وإذًا، فكيف يتصور رفع الحدث عن أعضاء وضوئه وعن موضع لمعته، إذا غسلهما بنية الحدث الأصغر؟. وبالله تعالى التوفيق.