للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقال المواق: ابن عرفة: المشهور وجوب تجهيز الحرة بنقدها العين، المتيطي: ويشترى منه الآكد فالآكد عرفًا؛ من فرش ووسائد وثياب وطيب وخادم إن اتسع لها. رواه محمد. قيل: وهو مذهب المدونة. ا. هـ، منه.

قلت: هذا الفرع أشكل عليَّ غاية الإِشكال، ووجه ذلك هو أنه يلزم المرأة أن تصرف من مهرها لمصلحة الزوج، ومعلوم أن الإِلزام والإِيجاب والقرض بمعنى، وقد أعطاها الله مهرها وحض على دفعه لها؛ قال تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} (١). وقد تقدم لك قول من يقول في قوله: {نِحْلَةً} أنها يراد بها هنا التدين بدفعه؛ كما يقال: فلان انتحل مذهب كذا. أي تدين به. ثم إنه تبارك وتعالى أذن للزوج فيما وهبته له زوجته من صداقها، عن طيب نفس لا على سبيل الفرض عليها واللزوم؛ قال تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} (٢). الآية. ومعلوم أننا إذا ألزمناها بشراء جهاز بيتها - حسب العادة - مما قبضته، ربما اشترت به كله، بل وربما زادت من عندها، لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار فتوى الدسوقي الذي يقول: وحتى لو كان العرف شراء خادم أو دار لزمها ذلك، ومعلوم أن السكنى ولوازمه على الرجل منذ خلق الله آدم وحواء عليهما الصلاة والسلام؛ قال تعالى: {فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (١١٧) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (١١٨) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} (٣).

قال أبو عبد الله القرطبي: لا تقبلا منه؛ فيكون ذلك سببًا لخروجكما من الجنة فتشقى. - يعني: أنت وزوجك، لأنهما في استواء العلة واحد - ولم يقل: فتشقيان؛ لأنه لما كان الكادَّ عليها والكاسبَ لها كان بالشقاء أخص؛ ألا ترى أنه عقب بقوله: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى} أي في الجنة. {وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى}. قال: وإنما خصه بذكر الشقاء، ولم يقل: فتشقيان؛ يعلمنا أن نفقة الزوجة على الزوج، فمن يومئذ جرت نفقة النساء على الأزواج، قال: وأعلمنا في هذه الآية أن النفقة التي تجب للمرأة على زوجها هي هذه الأربعة: الطعام والشراب والكسوة والمسكن. فهذه الأربعة لا بد لها منها؛ لأن بها إقامة المهجة. ا. هـ. =


(١) و (٢) سورة النساء: ٤.
(٣) سورة طه: ١١٧ - ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>