للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= منه بتصرف.

ومعلوم أن هذه الأربعة أصعب ما فيها البيت وتجهيزه. وترى الدسوقي يلزمها البيت إن جرت العادة بشرائه!. فهل جريان العادة يخرج الباطل عن كينونته باطلًا؟! فإن القرآن يخاطبنا بقوله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} (١). الآية. وفي الوقت نفسه يقول المختصر: ولزمها التجهيز على العادة بما قبضته، ويأتي الشارح فيقول: وحتى لو كان العرف بشراء خادم أو دار، لزمها ذلك؛ أما شراء الخادم فإن له وجهة من النظر إذا جرى العرف بشرائه؛ لأن خدمة الزوج ربما كانت تلزمها شرعًا إذا لم تكن مخدومة أصلًا، وسيأتي للمصنف الكلام على ذلك في النفقات، وأما شراء الدار وتجهيز الدار، فكيف تلزم ببذل حلالها في شراء ما أوجب الله لها على زوجها؟!. نعم، إن تبرعت هي بذلك عن طيب نفس منها، وبدون إلزام لها من قبل العرف، لكان للزوج الاعتبار في قوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} (٢). الآية، علمًا بأنني - انطلاقًا من كامل الثقة بهؤلاء الأجلاء؛ والشارحين والمحشين له - قمت بما يمكنني من التفتيش في كتب السنة - ما تناولته يدي منها - لعلي أقف على واحدة من أمهات المؤمنين قامت بتجهيز بيتها، أو من الصحابيات رضي الله عنهن، فلم أجد من ذلك إلا أثرًا واحدًا أخرجه عبد الرزاق؛ أن امرأة لسلمان الفارسي رضي الله عنه جهزت بيتها بجهاز كبير، فامتنع سلمان من دخول البيت حتى يخرج ذلك الجهاز. ولفظه: عبد الرزاق عن ابن جريج قال: حدثت أن سلمان الفارسي تزوج امرأة، فلما دخل عليها وقف على بابها، فإذا هو بالبيت مستور فقال: ما أدري أمحموم بيتكم أم تحولت الكعبة في كندة؟. والله لا أدخله حتى تهتك أستاره. فلما هتكوها فلم يبق منها شيء دخل، فرأى متاعًا كثيرًا وجواري فقال: ما هذا المتاع؟. قالوا: متاع امرأتك وجواريها. قال: والله ما أمرني حِبِّي بهذا. أمرني أن أمسك مثل أثاث المسافر. الحديث. وذكر البيهقي طرفًا منه وقال: إنه منقطع.

أما الصداق فلم أر إلا أن القرآن ينهى الأزواج عن أخذ شيء منه إلا عن طيب نفس من المرأة؛ =


(١) سورة البقرة: ٢٢٩.
(٢) سورة النساء: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>