للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= القسم. قال الله سبحانه وتعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} (١) الآية، أي لا تتبعوا أَهواءكم بأفعالكم.

وروي عن أبي قلابة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقسم بين نسائه فيعدل ويقول: "اللّهُمَّ هذِهِ قِسْمَتِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ". أخرجه أبو داود في النكاح، باب في القسم بين النساء. وأخرجه الترمذي في النكاح وأخرجه ابن ماجه. وإسناده قوي وصححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي. كذا قال الأرناؤوط.

تنبية: الحديث الصحيح الذي روي عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يطوف على نسائه في ليلة واحدة وله تسع نسوة -رواه البخاري- فيه الدليل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يجب عليه القسم بين زوجاته، وإنما كان يفعل ذلك تطييبًا لخواطرهن. وقوله تعالى في الأحزاب: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} (٢). خير دليل على ذلك. وبالله التوفيق.

(٢) وقوله: وندب الابتداء بالليل، قال ابن قدامة: لا خلاف في هذا؛ لأن الليل للسكن؛ يأوي فيه الإِنسان إلى منزله وأهله، وينام في فراشه مع زوجته عادة، والنهار للمعاش والخروج والتكسب. قال الله تعالى: {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا} (٣). وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (١٠) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} (٤). وقال تعالى: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} (٥). قال: والنهار يدخل في القسم تبعًا لليل، بدليل ما روي أن سودة وهبت يومها لعائشة، متفق عليه. ولما روي عن عائشة: قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيتي وفي يومي -وإنما قبض -صلى الله عليه وسلم- نهارًا- ويتبع اليوم الليلة الماضية قبله لأن النهار تابع الليل.

(٣) وقوله: والمبيت عند الواحدة، أي ويندب -على من له زوجة واحدة- أن يبيت عندها لأن تركها تبيت وحدها فيه ضرر، وربما تعين عليه المبيت عندها لخوف لص أو سارق.

تنبيه: قال الحطاب: اختلف في أقل ما يقضى به على الرجل من الوطء؛ فقال بعضهم: ليلة من أربع. ومأخذه من أن للرجل أن يتزوج أربعًا من النساء. وقضى عمر بمرة في الطهر؛ =


(١) سورة النساء: ١٢٩.
(٢) سورة الأحزاب: ٥١.
(٣) سورة الأنعام: ٩٦.
(٤) سورة النبأ: ١٠، ١١.
(٥) سورة القصص: ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>