للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال: وممن جرد القول بذلك وانتصر له وبالغ ابن حزم. وأجاب عن أمر ابن عمر بالمراجعة؛ بأن ابن عمر كان اجتنبها، فأمره أن يعيدها إليه على ما كانت عليه من المعاشرة، فحمل المراجعة على معناها اللغوي، وتعقب بأن الحمل على الحقيقة الشرعية مقدم اتفاقًا على الحقيقة اللغوية. وأجاب عن قول ابن عمر -حسبت عليَّ بتطليقة- بأنه لم يصرح بمن حسبها عليه، ولا حجة في أحد دون رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وتعقب بأنه مثل قول الصحابي: أمرنا في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكذا. فإنه ينصرف إلى من له الأمر حينئذ، وهو النبي -صلى الله عليه وسلم-. قال ابن حجر: وعندي أنه لا ينبغي أن يجيء فيه الخلاف الذي في قول الصحابي: أمرنا بكذا، فإن ذاك محله حيث يكون اطلاع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليس صريحًا، وليس كلذلك في قصة ابن عمر هذه، فإنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الآمر بالمراجعة، وهو المرشد لابن عمر فيما يفعل إذا أراد طلاقها بعد ذلك، فإذا أخبر ابن عمر أن الذي وقع منه حسبت عليه بتطليقة، كان احتمال أن يكون الذي حسبها عليه غير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعيدًا جدًا، مع احتفاف القرائن في هذه القصة بذلك. وكيف يتخيل أن ابن عمر يفعل في القصة شيئًا برأيه، وهو ينقل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تغيظ من صنيعه؟ فكيف لم يشاوره فيما يفعل في القصة المذكورة؟.

وقد أخرج ابن وهب في مسنده، عن ابن أبي ذئب، أن نافعًا أخبره أن ابن عمر طلق زوجته وهي حائض، فسأل عمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فقال: "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ". قال ابن أبي ذئب في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وَهِيَ وَاحِدَةٌ".

قال ابن أبي ذئب: وحدثني حنظلة بن أبي سفيان أنه سمع سالمًا يحدث عن أبيه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك. وأخرجه الدارقطني من طريق يزيد بن هارون عن ابن أبي ذئب وابن إسحاق، جميعًا عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "هِيَ وَاحِدَةٌ". وهذا نص في موضع الخلاف فيجب المصير إليه.

قال ابن حجر: وقد أورده بعض العلماء على ابن حزم فأجابه بأن قوله: "هِيَ وَاحِدَةٌ" لعله ليس من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، فألزمه بأنه نقض أصله، لأن الأصل لا يدفع بالاحتمال.

قال: وعند الدارقطني في رواية شعبة، عن أنس بن سيرين، عن ابن عمر في القصة: قال عمر: يا رسول الله، أفتحتسب بتلك التطليقة؟. قال: "نَعَمْ". ورجاله إلى شعبة ثقات. =

<<  <  ج: ص:  >  >>