للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقال البغوي في شرح السنة: واختلف أهل العلم في تعليق الطلاق بالنكاح؛ بأن قال لامرأة أجنبية: إذا نكحتك فأنت طالق. أو قال لعبد: إذا ملكتك فأنت حر. فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لغو، ولا يقع بعد حصول الملك. روي ذلك عن عليٍّ، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، ومعاذ بن جبل، وعائشة. وهو قول سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وأبي بكر بن عبد الرحمن، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وأبان بن عثمان، وعلي بن حسين، وشريح، وسعيد ابن جبير، والقاسم، وطاوس، والحسن، وعكرمة، وعطاء، وعامر بن سعد، وجابر بن زيد، ونافع ابن جبير، ومحمد بن كعب وسليمان بن يسار، ومجاهد، والشعبي، وقتادة، وإليه ذهب الشافعي.

قال: وروي عن عمر وابن مسعود وابن عمر أنهم قالوا: يقع به الطلاق إذا نكح. وبه قال ابراهيم النخعي، والزهري، وإليه ذهب أصحاب الرأي، ويروى هذا أيضًا عن سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسليمان بن يسار.

قال: وقال ربيعة، ومالك، والأوزاعي، والثوري، وابن أبي ليلى: إن سمَّى امرأة بعينها، أو وقّت وقتًا، أو قال: إن تزوجت من بلد كذا، أو من قبيلة كذا. فإذا نكح يقع، وإن عم فلا يقع. ويروى مثل هذا عن ابن مسعود أيضًا وإبراهيم النخعي.

قال: وقال أحمد: إن كان نكح لم يؤمر بالفراق، وإن لم ينكح فلا يفعل. وروي مثله عن ابن المبارك وإسحاق.

قلت: قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لَا طَلَاقَ إِلَّا فِيمَا يَمْلِكُ". معناه نفي حكم الطلاق المرسل على المرأة قبل أن تملك بعقد النكاح، وهو يقتضي نفي وقوعه على العموم، سواء كان في امرأة بعينها أو في نساء لا بأعينهن، ولله در الخطابي إذ يقول: أسعد الناس بهذا الحديث من أجراه على عمومه وقال بظاهره، إذ لا حجة مع من فرق بين حال وحال. والحديث حديث حسن، أي صالح للاحتجاج به، ومعلوم أنه لا اعتبار بقول أحد بعد ما تقوم الحجة من قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قال الله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (١) وقد تقدم =


(١) سورة النور: ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>