للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقال البغوي في شرح السنة: وصرائح ألفاظ الطلاق عند الشافعي ثلاثة: لفظ الطلاق، والفراق، والسراح، يقع بها الطلاق من غير نية.

والكناية: كل لفظ ينبئ عن الفرقة مثل قوله: أنت خلية، أو برية، أو بتَّةٌ أو تبْلة، أو حرام، أو حرة. أو قال: حبلك على غاربك. أو الْحقي بأهلك، أو قال: اعتَدِّي. أو استبرِئي رحمك. أو: لا مِلْك لي عليك، أو قال قومي، أو اخرجي، أو اذهبي، أو تقنَّعي، أو تستري ونحو ذلك، قال: يقع بها الطلاق إذا نوى، وإن لم ينو فهو لغو.

قلت: هذه الألفاظ -التي ذكر أنها كنايات- يقع الطلاق بها إذا نواه، يؤخذ عليه عدُّ قوله: أنت حرام. منها، لأنه لفظ كذب صاحبه به وقال منكرًا من القول؛ لأنه خالف أمر الله في ذلك بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا} (١) وقوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ} (٢). الآية، وقوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا} (٣). الآية ولأن صاحب هذا القول قال زورًا أيضًا في قوله لزوجته هي حرام والله أحلها، وما أحله الله فليس لأحد أن يحرمه لقوله تعالى: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} (٤). فإن قيل: قد أحل الله له أن يحرمها عليه بالطلاق، فالجواب: إن الطلاق هو لفظ وارد لحل العصمة؛ وحقيقته أنه إنشاء طلبي ولو ورد لفظه بصيغة الإِخبار، غير أنه لما كان هذا اللفظ ورد الكتاب ناهيًا عنه، امتنع أن يكون له أي اعتبار شرعي. وقد قال تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- لما حرم مارية رضي الله عنها على نفسه، أو حرم المغافير: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} (٥).

والحاصل أن قوله: أنت حرام. ليس من كنايات الطلاق. وقد جئت بما فيه مقنع لطالب العلم غير المتعصب في المسألة، في باب اليمين في الجزء الثاني من هذا الكتاب المبارك، في مبحث الكلام على المحاشاة، وقوله: وتحريم الحلال في في الزوجة والأمة لغو فأغنى ذلك عن إعادته هنا والحمد لله وحده.


(١) سورة المائدة: ٨٧.
(٢) سورة النحل: ١١٦.
(٣) سورة يونس: ٥٩.
(٤) سررة المائدة: ٨٧.
(٥) سورة التحريم: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>