= يخاف بالصوم زيادته أو تأخر برئه، أو كان لا يصبر عن الجماع لشدة شبقه؛ لأن أوس بن الصامت
لما أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بالصوم قالت امرأته: إنه شيخ كبير ما به من صيام، قال -صلى الله عليه وسلم-: "فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ
مِسْكِينًا" الحديث، وسلمة بن صخر أمره بالصيام فقال: وهل أصبت ما أصبت إلا من الصيام؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: "فَأطْعِمْ". نقله إلى الإطعام لما أخبر به من أن به من الشبق ولشهوة ما يمنعه من الصيام، والدليل على ذلك من الكتاب -أي على الانتقال إلى الإطعام لغير المستطيع للصوم- هو قوله تعالى:{فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا}. الآية. أي فمن لما يطق الصيام وجب عليه إطعام ستين مسكينًا لكل مسكين مدان بمد النبي -صلى الله عليه وسلم-.
قال القرطبي: فإن أطعم مدًّا بمد هشام -وهو مدان إلا ثلثًا- أو أطعم مدًا ونصفًا بمدِّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أجزأه، قال أبو عمر: وأفضل ذلك مدان بمدِّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن الله لم يقل في كفارة الظهار:{مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} فوجب قصد الشبع؛ لأن إطلاق الإِطعام يتناول الشبع، وذلك لا يحصل عادة بمد واحد إلَّا بزيادة عليه. وروي عن أشهب أنه قال لمالك: أيختلف الشبع عندنا وعندكم؟. قال: نعم؛ الشبع عندنا مدٌّ بمدِّ النبي -صلى الله عليه وسلم-، والشبع عندكم أكثر، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا لنا بالبركة دونكم، فأنتم تأكلون أكثر مما نأكل.
وقال أحمد: مد من بُرٍّ ومدان من شعير وغير ذلك.
وقاال الشافعي، وعطاء، والأوزاعي: يطعم مدًّا من أي نوع مستدلين بما روى أبو داود بإسناده عن عطاء عن أوس أخي عبادة بن الصامت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطاه خمسة عشر صاعًا من شعير إطعام ستين مسكينًا. ولا يجزئ عند مالك والشافعي ومن وافقهما أن يطعم أقل ستين مسكينًا، وقالت أبو حنيفة وأصحابه: إن أطعم مسكينًا واحدًا كل يوم نصف صاع حتى يكمل العدد أجزأه. وبالله تعالى التوفيق.