للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شربه، فقيل له: خالفت الشيخين، فقال لا لأنهما كانا يحلان للاستمراء والتّقوىّ، والناس في زماننا يشربونه للفجور والتلهي وشربه للهو لا يحل إجماعا.

ثم في قوله: وعدم التكفير بذنب أي بكبيرة رد على الخوارج

وقوله: عدم التكلم في الله بشيء يعني في صفات الله، كذا ذكره الكردري (١)، وفيه بحث إذ تكلم الإمام على الصفات في"الفقه الأكبر" (٢)، وغيره، والمسألة تنازع فيها أهل السنة والمعتزلة حيث أثبتها الأولون قائلين بأنها قديمة لا عين الذات ولا غيرها. والآخرون نفوها تحرزا من تعدد القدماء فينبغي حمل كلام الإمام على نفي الكلام في كنه ذاته وصفاته، أو على نفيه فيهما مطلقا بمجرد دلالة العقلية، ففيه رد على الحكماء … وبعض الجهلة من المتصوفين القائلين بوحدة الوجود. والاتحاد والحلول وسائر مقالات أهل الفساد والله رؤوف بالعباد.

وروى الإمام أبو حامد محمد بن أبي الربيع المازني والشيخ الإمام النسفي بإسنادهما إلى أبي مقاتل السمرقندي: أن الإمام قال في كتاب (٣) «العالم والمتعلم».

العمل تبع للعلم، والعمل القليل بالعلم خير من العمل الكثير بالجهل؛ كما أن الزاد القليل الذي لا بد منه في المفازة مع الهداية أفضل من الزاد الكثير مع الجهالة، وقال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} (٤). وقد صرح الإمام في ذلك الكتاب بأكثر قواعد أهل السنة فهو بريء من كونه معتزليا أو مرجئيا أو جبريا، كما توهم بعضهم إذ أسندوا مذهبهم إليه ترويجا بما شاهدوا من الفضل لديه، واعتماد أكثر المسلمين في باب الاعتقاد والأعمال عليه، فله ولأصحابه الحنفية مشاركة في حقيقة الملة الحنيفية حيث ادعى كل أرباب ملة بأن الخليل منهم، وقد


(١) ينظر: المناقب:١/ ١٣٦ - ١٣٨.
(٢) ينظر: القارئ، شرح الفقه الأكبر: ص ١٥ - ٢٦.
(٣) ينظر: العالم والمتعلم، تحقيق: محمد زاهد الكوثري (د. ط‍، مطبعة الأنوار، القاهرة، ١٣٦٨ هـ‍) ص ٩. وينظر: الكردري، المناقب:١٤٠ - ١٤٣.
(٤) سورة الزمر/الآية ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>