للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلتم: إن التصحيح جاء فى هذه الأفعال شاذّا، وتصحيح أفعل فى التعجّب قياسىّ مطّرد.

قلنا: قد جاء التصحيح فى الفعل المتصرّف على غير سبيل الشّذوذ، وذلك كتصحيح عور وحول وصيد، حملا على اعورّ واحولّ واصيدّ، وقد قالوا:

اجتوروا، واعتوروا، حملا على تجاوروا، وتعاوروا، وكذلك (١) حمل ما أطوله وما أسيره، على قولنا: هو أطول منك، وأسير منّى.

وبعد، فلا ينبغى لكم أن تحكموا له بالاسميّة لتصحيحه، لأن أفعل به، قد ورد التصحيح فيه مع الإجماع على أنه فعل، فلم يخرجه قولهم: أبيع به وأطول به، عن كونه فعلا، فكذلك التصحيح فى ما أفعله، لا يخرجه عن الفعليّة.

ومما يبطل ما ذهبتم إليه أنه إذا وصل بياء الضمير صحبتها النون المسمّاة وقاية، كقولك: ما أفرحنى وما أتعبنى، وهذه النون لا تصحب ياء الضّمير إلاّ إذا اتّصلت بالفعل، من نحو أكرمنى ويكرمنى، أو بما شابه الفعل من الحروف من نحو: ليتنى وكأنّنى، ولم يقولوا فى الاسم: غلامنى، ولا فى الصفة: مكرمنى، وإنما اتصلت هذه النون بآخر الفعل لتقى آخره الكسرة (٢)، إذ كانت ياء المتكلم تقتضى كسر ما/قبلها، ولمّا منعوا الفعل كسرة الإعراب كانوا أحرى (٣) أن يمنعوه كسرة البناء، فاجتلبوا له هذه النون؛ لتكون محلاّ للكسرة، فلو لم يكن أفعل فى التعجّب فعلا لمّا نزّل منزلة الأفعال؛ لاتّصال هذه النون به.

جواب الفرّاء وأصحابه: أمّا قولكم إنّ ليس وعسى من موانع تصغيرهما أنه لا مصدر لهما، يتنزّل تصغيرهما تصغيره، وأفعل فى التعجّب ساغ تصغيره لأنه دالّ


(١) فى د: فكذلك.
(٢) فى د: الكسر.
(٣) هكذا فى د. وفى الأصل «حرّى» وهما سواء.