للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رضى: رضا (١)، وليس هذا منه، فإسكان الياء يدل على أنه قرأ {نُنَجِّي} كما روى حفص عنه.

وممّا يمنع أن يظنّ ذلك به نصبه قوله المؤمنين من {نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} ولو كان على ما لم يسمّ فاعله لوجب أن يرفع.

فأمّا قول من قال: إنه يسند الفعل إلى المصدر، ويضمره؛ لأن الفعل دلّ عليه، فذلك ممّا يجوز فى ضرورة الشعر، فالبيت (٢) الذى أنشده:

ولو ولدت قفيرة جرو كلب ... لسبّ بذلك الجرو الكلابا (٣)

/لا يكون حجّة فى هذه القراءة، وإنما وجهها ما ذكرنا أنّ الراوى حسب الإخفاء إدغاما، ألا ترى أن الفعل المبنىّ للمفعول ينبغى أن يسند إليه كما يسند المبنىّ للفاعل إليه، وإنما تسند هذه الأشياء إلى الظروف والحروف الجارّة، إذا لم يذكر المفعول به، فأمّا إذا ذكر المفعول به فلا تسند إلى غيره؛ لأن الفعل له فهو أولى به، وإنما حذفت النون من الخطّ كراهية لاجتماع صورتين متّفقتين، وقد كرهوا ذلك فى الخطّ فى غير هذا الموضع، وذلك أنهم كتبوا نحو الدّنيا والعليا والحذيا، بالألف، ولولا الياء التى قبل الألف لكتبوها بالياء، كما كتبوا: بهمى وحبلى وأخرى، ونحو ذلك بالياء، فكما كرهوا الجمع بين صورتين متّفقتين فى هذا


(١) وهى لغة طيئ. الكتاب ٤/ ١٨٧، والخزانة ٩/ ٤٩٥، وشرح المفصل ٩/ ٧٦، وانظر أيضا الكتاب ١/ ١٢٩، والشعر والشعراء ص ٢٨٧، والجمهرة ٢/ ١٤٢، والسّمط ص ٤٩٦.
(٢) فى د: والبيت.
(٣) نسبه البغدادىّ فى الخزانة ١/ ٣٣٨، لجرير يهجو الفرزدق. وليس فى ديوان جرير، ولا فى النقائض. والبيت من غير نسبة فى: تأويل مشكل القرآن ص ٥٦، وإعراب القرآن للنحاس ٣/ ١٢٩، والخصائص ١/ ٣٩٧، والحجة المنسوب لابن خالويه ص ٢٢٦، والإفصاح ص ٩٣، وأمالى ابن الحاجب ٣/ ١٥٠، وشرح المفصل ٧/ ٧٥، وشرح الجمل ١/ ٥٣٧، والهمع ١/ ١٦٢، وتفسير القرطبى ١١/ ٣٣٥، ١٦/ ١٦٢. و «قفيرة» بتقديم القاف على الفاء، وبالراء المهملة مصغّرا: اسم أمّ الفرزدق. والجر ومثلّث الجيم: ولد السّباع، ومنها الكلب.