للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متصرّف، تعمل الرفع والنّصب فى الاسم الظاهر والمضمر، وليست «كان» فى نصبها الحال بأسوأ حالا من حرف التنبيه والإشارة، وحكى أبو زكريّا فى تفسيره لشعر المتنبّى، عن أبى العلاء المعرّى أنه قال: زعم بعض النحويّين أنّ «كان» لا تعمل فى الحال. قال: وإذا أخذ بهذا القول جعل العامل فى «محتلما» من قوله:

وأنك بالأمس كنت محتلما

الفعل المضمر الذى عمل فى قوله: «بالأمس».

وأقول: إنّ هذا القول سهو من قائله وحاكيه؛ لأنّك إذا علّقت قوله «بالأمس» بمحذوف، فلا بدّ أن يكون «بالأمس» خبرا لأن أو لكان؛ لأنّ الظّرف لا يتعلّق بمحذوف إلاّ أن يكون خبرا أو صفة أو حالا أو صلة، ولا يجوز أن يكون خبرا لأن ولا لكان؛ لأنّ ظروف الزمان لا توقع أخبارا للجثث، ولا صفات لها، ولا صلات ولا أحوالا منها. وإذا استحال أن يتعلّق قوله «بالأمس» بمحذوف، علّقته بكان، وأعملت «كان» فى «محتلما».

والوجه الثانى من وجهى إعمال «أن»: أنّك تعملها فى مقدّر، وهو ضمير الشأن، وتوقع بعدها الجملة خبرا عنها، كقولك: علمت أن زيد قائم، وأكثر قولى أن لا إله إلاّ الله، ومنه قوله تعالى: {وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} (١) التقدير: أنه زيد قائم، وأنه لا إله إلاّ الله، وأنّه الحمد لله، ومثله: {أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظّالِمِينَ} (٢) فى قراءة من خفّف ورفع، ومثله: {وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ. قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا} (٣) التقدير: أنه قد صدّقت الرّؤيا، أو أنّك قد صدّقت الرؤيا، ومنه


(١) سورة يونس ١٠.
(٢) سورة الأعراف ٤٤. وهذه القراءة لابن كثير-فى رواية قنبل-ونافع وأبى عمرو وعاصم. السبعة ص ٢٨١، والكشف ١/ ٤٦٣.
(٣) سورة الصافات ١٠٤،١٠٥، وانظر البرهان ٤/ ٢٢٥.