للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حاوط؛ لأنك تقول: حوّطت المكان، إذا جعلت عليه حائطا، فألقيت كسرة الواو على الحاء، فصارت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، كما صارت واو الوزن والوقت والوعد ياء، فى ميزان وميقات وميعاد.

وقال فى قوله تعالى: {كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} (١): كلّما نصب على الظرف بمشوا، وإذا كانت «كلّما» ظرفا فالعامل فيها الفعل الذى هو جواب لها، وهو {مَشَوْا}؛ لأنّ فيها معنى الشّرط، فهى تحتاج إلى جواب، ولا يعمل فيها {أَضاءَ} لأنه فى صلة «ما»، ومثله: {كُلَّما رُزِقُوا} (٢) الجواب: {قالُوا}، وهو العامل فى «كلّ» و «ما» اسم ناقص، صلته الفعل الذى يليه (٣). انتهى كلامه.

وأقول: إنه لا يجوز أن تكون «ما» فى «كلّما» هذه ونظائرها اسما ناقصا؛ لأنّ التقدير فيها إذا جعلتها ناقصة: كلّ الذى أضاء لهم البرق مشوا فى البرق؛ لأن الهاء التى فى «فيه» تعود على البرق، فلا ضمير إذن فى الصّلة يعود على الموصول، ظاهرا ولا مقدّرا، والصحيح أنّ «ما» هاهنا نكرة موصوفة بالجملة، مقدّرة باسم زمان، فالمعنى: كلّ وقت أضاء لهم البرق مشوا فيه.

فإن قيل: فإذا كانت نكرة موصوفة بالجملة، فلا بدّ أن يعود عليها من صفتها عائد، كما لا بدّ أن يعود على الموصول عائد من صلته.

فالجواب: أنّ الجملة إذا وقعت صفة بخلافها إذا وقعت صلة؛ لأنّ الصّلة مع الموصول بمنزلة اسم مفرد، فلا معنى للموصول إلاّ بصلته، وليس كذلك الصّفة مع الموصوف.


(١) سورة البقرة ٢٠.
(٢) سورة البقرة ٢٥.
(٣) المشكل. طبعة دمشق ١/ ٢٩، وبغداد ١/ ٨٢.