للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ} (١) قال: {وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ} فى موضع خفض، عطف على {الْمُؤْمِنِينَ}، ولا يحسن عطفه على {الْمُطَّوِّعِينَ}؛ لأنه لم يتمّ اسما بعد؛ لأنّ {فَيَسْخَرُونَ} عطف على {يَلْمِزُونَ} هكذا ذكر النّحاس فى الإعراب له، وهو عندى وهم (٢). انتهى كلامه.

يعنى أنّ النّحاس ذكر أن قوله (٣): {وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ} عطف على {الْمُطَّوِّعِينَ} ومنع هو من هذا؛ لأن {الْمُطَّوِّعِينَ} بزعمه لم تتمّ صلته، وليس الأمر على ما قال، بل صلة الألف واللام من {الْمُطَّوِّعِينَ} آخرها قوله: {فِي الصَّدَقاتِ}، واحتجّ بأنّ {الْمُطَّوِّعِينَ} لم تتمّ صلته بعطف {فَيَسْخَرُونَ} على {يَلْمِزُونَ} وأىّ حجّة فى هذا، و {يَلْمِزُونَ} قبل {الْمُطَّوِّعِينَ}؟ وزعم أن {الَّذِينَ لا يَجِدُونَ} عطف على {الْمُؤْمِنِينَ}، وهذا غير صحيح؛ لأن تقدير الكلام على قوله: يلمزون من تطوّع من المؤمنين، ومن الذين لا يجدون إلاّ جهدهم، فيكون الذين لا يجدون إلاّ جهدهم غير مؤمنين؛ لأنّ المعطوف يلزمه أن يكون غير المعطوف عليه، تقول: جاءنى أصحابك والرجال النّصارى، فيكون النّصارى غير أصحابه، وجاءنى الرجال النصارى وأصحابك، فيكون أصحابه غير نصارى.


(١) سورة التوبة ٧٩.
(٢) المشكل ١/ ٣٦٨ (دمشق)،١/ ٣٣٤ (بغداد). وإعراب القرآن للنحاس ٢/ ٣٣.
(٣) هذا غير صحيح. وظاهر أن ابن الشجرىّ لم يطّلع على كلام النحاس فى كتابه إعراب القرآن، ولو رآه لعلم أن مكيّا قد نقله بتمامه، وأن عبارة «وهو عندى وهم» التى قالها مكّىّ تنسحب على كلّ ما ذكره فى الآية الكريمة محكيّا عن النحاس. وقول ابن الشجرى: «ومنع هو من هذا» لا ينبغى أن تعود على مكّىّ، فإنه لم يمنع شيئا، والمانع فى الحقيقة هو النحاس، فإن كان إيراد وتعقّب فعليه لا على مكّىّ. وقد نبّه على هذا الدكتور فرحات فى مقالته. وانظر إعراب الآية فى إعراب القرآن المنسوب خطأ إلى الزجاج ٢/ ٦٣٨،٧٤٩، والبحر المحيط ٥/ ٧٦، والدرّ المصون ٦/ ٨٨.