للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا البيت انفرد الأصمعىّ (١) بروايته، وروى «حرام» مكسور الميم، ولو رواه بضمها على الإقواء (٢) كان أحبّ إلىّ، وقال أبو حاتم فى تعليل الكسر فيه: أخرج «حرام» مخرج كفاف، من قول الراجز (٣):

يا ليت حظّى من جداك الضّافى ... والفضل أن تتركنى كفاف

عدل (٤) كفاف عن كاف، وإن شئت قدّرتها معدولة عن التّركة الكافّة. انتهى كلامه.

قال أدام الله نعمته (٥): حرام لا يتأتّى فيها العدل عن فاعل أو فاعلة، كما تأتّى ذلك فى كفاف، وكفاف قد اتّسع استعمالها فى الشعر القديم، وقد ورد فى أشعار المتأخّرين، كقول أبى العلاء المعرّىّ، فى ابتداء مرثية أبى أحمد الموسوىّ والد المرتضى والرّضىّ:

أودى فليت الحادثات كفاف ... مال المسيف وعنبر المستاف (٦)

المسيف: الذى ذهب ماله (٧)، والمستاف مفتعل من السّوف، وهو الشّمّ.


(١) وكذا ذكر محقق الديوان فى تخريج البيت ص ٤١٠.
(٢) وهذا هو رأى امرئ القيس، فيما استنطقه أبو العلاء المعرّى. جاء فى رسالة الغفران ص ٢٣٣: «أتقول: «حرام»، فتقوى، أم تقول: «حرام» فتخرجه مخرج حذام وقطام؟ وقد كان بعض علماء الدولة الثانية [أى الدولة العباسية] يجعلك لا يجوز الإقواء عليك. فيقول امرؤ القيس: «لا نكرة عندنا فى الإقواء». . . إلى آخر ما قال.
(٣) هو رؤبة. ديوانه ص ١٠٠، وشروح سقط الزّند ص ١٢٦٤،١٢٦٥، واللسان (كفف)، ومعجم الشواهد ص ٥٠٣.
(٤) قال ابن هشام: «فالأصل كفافا، فهو حال، أو ترك كفاف، فهو مصدر» المغنى ص ٧٥٨.
(٥) فى هـ‍: رحمه الله.
(٦) شروح سقط الزند ص ١٢٦٤.
(٧) المال هنا: الإبل. المرجع السابق، واللسان (سوف)، وقال ابن الأثير فى النهاية ٤/ ٣٧٣: «المال فى الأصل: ما يملك من الذهب والفضة، ثم أطلق على كلّ ما يقتنى ويملك من الأعيان، وأكثر ما يطلق المال عند العرب على الإبل؛ لأنها كانت أكثر أموالهم».