للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكلت بنيك أكل الضّبّ حتّى ... وجدت مرارة الكلإ الوبيل (١)

أى ظلمتهم وبغيت عليهم، ومنه قول الممزّق العبدىّ:

فإن كنت مأكولا فكن أنت آكلى ... وإلاّ فأدركنى ولمّا أمزّق (٢)

أى إن كنت مظلوما فتولّ [أنت (٣)] ظلمى، فظلمك لى أحبّ إلىّ من أن يظلمنى غيرك، فإذا حملنا الأكل فى قولهم: «أكلونى البراغيث» على هذا المعنى، صحّ إجراء البراغيث مجرى العقلاء، لأن الظلم والبغى والتعدّى من أوصاف العقلاء.

وقول علّفة بن عقيل: «أكلت بنيك أكل الضّبّ» شبّه فيه الأكل المستعار للتعدّى بالأكل الحقيقىّ، فإن شئت قدّرت أن المصدر مضاف إلى المفعول، والفاعل محذوف، أى أكلت بنيك أكلا مثل أكلك الضّبّ، وخصّ الضبّ بذلك لأن أكل الضّباب يعجب الأعراب، قال راجزهم (٤):

وأنت لو ذقت الكشى بالأكباد ... لما تركت الضّبّ يعدو بالواد

الكشى (٥): جمع كشية، وهى شحمة مستطيلة فى عنق الضّبّ إلى فخذه، وإن شئت قدّرت المصدر مضافا إلى فاعله، والمفعول محذوف، أى أكلت بنيك أكلا


(١) أعاده ابن الشجرى فى المجلس الحادى والستين. والبيت ينسب أيضا إلى عملّس بن عقيل، وإلى أرطاة بن سهيّة. راجع كتاب العققة والبررة (نوادر المخطوطات) ٢/ ٣٥٩، والحيوان ٦/ ٤٩، والأغانى ١٢/ ٢٦٩، وشرح شواهد المغنى ص ٢٦٥ وشرح أبياته ٦/ ١٣٤، والبيت من غير نسبة فى الموضع السابق من المغنى، ونسب فى المجازات النبوية للشريف الرضىّ ص ٣٣١ لعلقمة بن عقيل، وهو تصحيف.
(٢) هذا بيت دائر فى كتب العربية، وهو من قصيدة أصمعية. فى الأصمعيات ص ١٦٦، وتخريجه فيها.
(٣) ساقط من هـ‍.
(٤) الحيوان ٦/ ١٠٠،٣٥٣، وعيون الأخبار ٣/ ٢١١، والصاهل والشاحج ص ١٥٠، واللسان (كشا).
(٥) بضم الكاف وفتح الشين، والمفرد بضم فسكون.