للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والفاعل فى «اشرب هنيئا» على تقدير أبى الفتح مضمر أيضا، كأنه قيل:

اشرب ثبت هنيئا شربك، وقال أبو علىّ أيضا فى أثناء كلامه فى قوله: «اشرب هنيئا»: «فهذا بمنزلة اشرب واهنأ، جملة أتبعت جملة (١)»، فأتى فى التقدير بعاطف ليس فى الكلام، وصرّح بلفظ الأمر، والعدول عن هذا التقدير إلى ما قدّره ابن جنّى أولى، ثم إن أبا علىّ تلزمه المطالبة له بناصب هذه الحال، فلا بدّ/أن يقول إن الناصب لها هو الفعل الذى هو بدل منه، لأنه قد منع أن تكون متعلّقة باشرب، فالتقدير على مذهبه فيها: اهنأ هنيئا، وهذا كقولك، اجلس جالسا، أى اجلس فى حال جلوسك، وهذا كلام بعيد من الفائدة، ولا يلزم هذا الاعتراض الزّجّاج، لأن التقدير عنده: هنئتم هنيئا، أو ليهنئكم ما صرتم إليه هنيئا، كما أن التقدير فى قول القائل: قم قائما: قم قياما.

فأمّا فتحة الظّرف من قولهم: وراءك أوسع لك (٢)، ومن قولهم: عندك زيدا، ودونك بكرا، فهى بناء عند حذّاق النحويّين، لأنّ الظرف وقع موقع الأمر المبنىّ، فأدّى معناه وعمل عمله.

وأما قوله: «عليك التاج» فجملة فى موضع الحال، يجوز أن يكون العامل فى موضعها: اشرب، فيكون التقدير: اشرب متوّجا، ويجوز أن يكون العامل فى موضعها على مذهب أبى علىّ: هنيئا، كأنه قال: اهنأ متوّجا، ويعمل فيها على مذهب الزجّاج الفعل الذى نصب هنيئا نصب المصدر، والتقدير: هنئت هناء متوّجا.

وأما قوله: «مرتفقا» فيمكن أن يكون حالا من أحد ثلاثة أشياء، وذلك الضمير الذى فى «اشرب» أو الذى فى «هنيئا» على قول أبى علىّ، أو الكاف من


(١) الشيرازيات ورقة ٧٣ ا.
(٢) الكتاب ١/ ٢٨٢، والأصول ٢/ ٢٥٣، وشرح الحماسة ص ١٧٣٠، وسيأتى فى المجلس الحادى والأربعين.