للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«عليك» والضمائر الثلاثة واحد فى المعنى، لأنهنّ للمخاطب، وحسن أن يكون «مرتفقا» حالا من الكاف فى عليك، لقربها منه، ولملاءمة التّتويج للارتفاق، وهو الاتّكاء.

وأما قوله: «فى رأس غمدان» فيمكن تعلّق الظرف فيه بعاملين: أحدهما «مرتفقا» والآخر ما فى «عليك» من معنى الفعل، فأما تعلّقه بمرتفق فعلى وجهين: أحدهما أن يكون ظرفا، كأنه بيّن موضع الارتفاق أين هو، والآخر أن يكون الظرف فى موضع الحال من الذّكر (١) الذى فى مرتفق، فيتعلّق/على هذا الوجه بمحذوف، وفيه ذكر يعود إلى ذى الحال، والتقدير: كائنا أو مستقرّا فى رأس غمدان، والثانى من العاملين اللذين جاز تعلّق الظرف بهما هو ما فى «عليك» من معنى الفعل.

وتعلّق الظرف أيضا بعليك على ضربين: أحدهما أن يكون ظرفا، والآخر أن يكون حالا، فتعلّقه بعليك على وجه الظرف هو أن يبيّن الموضع الذى علاه فيه التاج، ولا ذكر فى الظرف على هذا الوجه، لأنه لم يتعلّق بمحذوف، وإنما تعلّق بمعنى الفعل، كما يتعلّق بنفس الفعل لو قيل: توّجت فى رأس غمدان، وإذا كان حالا فالعامل فيه العامل فى ذى الحال، وذو الحال أحد ثلاثة أشياء: إن شئت جعلته حالا من الضمير المستكنّ فى «عليك» العائد إلى التاج، وذلك فى قول من رفع التاج بالابتداء، وإن شئت جعلته حالا من التاج، فى قول (٢) من رأى أن يرفع هذا النحو بالظّرف، فالتاج مرتفع بعليك ارتفاع الفاعل، ولا ذكر فى «عليك» على هذا القول، والتاج إذا هو ذو الحال، وإن شئت كان ذا الحال الكاف من «عليك» كأنه قال: عليك التاج حالاّ فى رأس غمدان.


(١) أى الضمير، وهو من مصطلحات أبى على الفارسى. راجع مقدمتى لكتاب الشعر ص ٥٤، والكلام هنا لأبى علىّ فى الشيرازيات ورقة ٧٣ ب.
(٢) هو الأخفش، كما يأتى التصريح به قريبا. والرأى الآخر-وهو رفعه بالابتداء-لسيبويه، وقد أشار إلى هذا ابن الشجرى فى المجلس الحادى والسبعين. وعلّقت عليه فى حواشى كتاب الشعر ص ٢٦٥.