للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قوله: «دارا» فحال من رأس غمدان، وأجاز أبو علىّ (١) أن يكون حالا من غمدان، قال: لأن الحال قد جاءت من المضاف إليه، نحو ما أنشده أبو زيد (٢):

عوذ وبهثة حاشدون عليهم ... حلق الحديد مضاعفا يتلهّب

وليس فى هذا البيت شاهد قاطع بأن «مضاعفا» حال من «الحديد» بل الوجه أن يكون حالا من «الحلق» لأمرين: أحدهما: ضعف مجىء الحال من المضاف إليه، على ما قدّمت ذكره فى أماكن من هذه الأمالى (٣)، والآخر: أن وصف الحلق بالمضاعف أشبه من وصف الحديد به، كما قال أبو الطيّب (٤):

أقبلت تبسم والجياد عوابس ... يخببن فى الحلق المضاعف والقنا

ويتوجّه ضعف ما قاله من جهة أخرى، وذلك أنه لا عامل (٥) [له] فى هذه الحال إذا كانت من الحديد، إلا ما قدّره فى الكلام من معنى الفعل بالإضافة، وذلك قوله: ألا ترى أنه لا تخلو الإضافة من أن تكون بمعنى اللام أو من (٦).

وأقول: إنّ «مضاعفا» فى الحقيقة إنما هو حال من الذّكر المستكنّ فى «عليهم» إن رفعت «الحلق» بالابتداء، وإن رفعته بالظّرف على قول الأخفش والكوفيين، فالحال منه، لأن الظرف حينئذ يخلو من ذكر (٧).


(١) فى الشيرازيات ٧٤ ب.
(٢) النوادر ص ٣٥٩، والهمع ١/ ٢٤٠، والخزانة ٣/ ١٧٣،٧/ ٥، وأعاده ابن الشجرىّ فى المجلس السادس والسبعين. والبيت من أبيات لزيد الفوارس بن حصين الضبىّ. جاهلىّ.
(٣) فى المجلسين: الثالث، والثالث والعشرين، ويأتى أيضا فى المجلس السادس والسبعين.
(٤) ديوانه ٤/ ٢٠٣، وأعاده المصنف فى المجلس المذكور.
(٥) سقط من هـ‍. وهو فى الخزانة ٣/ ١٧٤ حكاية عن ابن الشجرى.
(٦) قال فى المجلس السادس والسبعين شارحا هذا: يعنى أنك تعمل فى الحال ما تتضمنه الإضافة من معنى الاستقرار أو الكون.
(٧) زاد فى المجلس المذكور وجها آخر، فانظره هناك. والذكر هنا معناه الضمير.