للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمعناها؟ والعلم محيط بأنها لا تكون بمعنى حسب، ولا تكون جوابا لقول من قال:

هل قام زيد؟ فيقال: [هل قام] بمعنى قد قام، لأن المجيب [يكون] كأنه قد حكى كلام المستفهم، وهذا غير معروف فى كلام العرب، ولا يحسن أن تكون بمعنى «ربّما» فى قوله: «قد أترك القرن» لأن المعنى ربّما أترك القرن، و «هل» لا تتضمّن هذا المعنى، وما علمت أحدا من أهل اللغة قال إن «هل» تكون فى شيء من الكلام ولا القرآن بمعنى «قد» والنحويون يقولون فى قوله جلّ اسمه: {هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ} إن المعنى ألم يأت؟ منهم الزجاج، فمنّ، جعلنى الله فداءك، علىّ بتعجيل الجواب، فإنى أتطلّعه.

فوقفت القاضى أبا سعيد على الرّقعة، فأملى علىّ ما كتبته على ظهرها:

بسم الله الرحمن الرحيم {هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} على قول من جعله بمنزلة «قد» إنما تكون «قد» من قسم دخولها للفعل (١) المتوقّع، فكأنه قيل لقوم يتوقّعون الإخبار عما أتى على الإنسان، والإنسان آدم: قد أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا، لأن آدم بقى زمانا طينا.

... /قول أبى الطّيّب (٢):

ويصطنع المعروف مبتدئا به ... ويمنعه من كلّ من ذمّه حمد

قال أبو الفتح: معناه يعطى معروفه المستحقّين، ومن تزكو عنده الصّنيعة، ويمنعه من كلّ ساقط، إذا ذمّ أحدا فقد مدحه.

قوله: «إذا ذمّ أحدا فقد مدحه» تفسير غير مرضىّ، لأنه لا يخلو من أحد معنيين: أحدهما أنه يورّى عن الذمّ الصّريح بكلام يشبه المدح، أو يريد أنه يضع


(١) فى هـ‍: الفعل.
(٢) ديوانه ١/ ٣٧٩.