للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكرمت أباه وجعفر، أردت: وجعفر أكرمت أباه، فحذفت خبر الثانى لدلالة خبر الأول عليه، كما حذف خبر المبتدأ الموصول المعطوف، لدلالة خبر الموصول الأوّل عليه، فى قوله تعالى: {وَاللاّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ اِرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاّئِي لَمْ يَحِضْنَ} (١) فقوله: {إِنِ اِرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} جملة شرطيّة، وقعت خبرا للمبتدإ الذى هو {اللاّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} وقوله:

{وَاللاّئِي لَمْ يَحِضْنَ} مبتدأ ثان محذوف الخبر، وتقديره: واللائي لم يحضن فعدّتهنّ ثلاثة أشهر.

ومن الأخبار التى ألزموها الحذف، خبر المبتدأ الواقع بعد لولا، فى قولك:

لولا زيد لعاقبتك، تريد: لولا زيد موجود أو حاضر، وإنما ألزموا هذا الخبر الحذف، لطول الكلام بجواب لولا، ومثله حذف الخبر فى قولهم: لعمر الله لأفعلنّ، وليمن الله لأذهبنّ، تريد: لعمر الله المقسم به، وكذلك ليمن الله المحلوف به، ولكنّ قولك: لأفعلنّ ولأذهبنّ، طوّل الكلام، فحسن لذلك حذف الخبر، ومثل هذا سدّ الفاعل مسدّ الخبر فى نحو: أذاهب أخواك؟ فذاهب مبتدأ، ارتفع أخواك به، ارتفاع الفاعل بإسناد الفعل إليه، فى قولك: أيذهب أخواك؟ ولمّا تنزّل اسم الفاعل منزلة الفعل، وارتفع الاسم بعده به، على حدّ ارتفاعه، أغنى ذلك عن تقدير خبر هذا المبتدأ، ولم يصحّ الإخبار عنه لفظا ولا تقديرا، كما لا يصحّ الإخبار عن الفعل.

ومما حذف خبره لدلالة المعنى عليه، المبتدأ الذى هو «أنت» فى قول ذى الرمّة (٢):


(١) سورة الطلاق ٤.
(٢) ديوانه ص ٧٦٧، وتخريجه فى ص ١٩٩٢، وانظر كتاب الشعر ص ٣٠٨، والجمل المنسوب للخليل ص ٢٣٢،٢٨٧.