للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جارى لا تستنكرى عذيرى ... سيرى وإشفاقى على بعيرى

العذير: الأمر الذى يحاوله الإنسان فيعذر فيه، أى لا تستنكرى ما أحاوله معذورا فيه، وقد فسّره بالبيت الثانى، ويقولون: من عذيرى من فلان؟ أى من ينتحى باللائمة عليه، ويعذرنى فى أمره.

ولم يأت ترخيم منكّر (١) قصد قصده إلا ترخيم «صاحب» وذلك لكثرة استعماله، وتشبيهه بالعلم؛ من حيث وهّنه النداء بالبناء، فاستجازوا فيه:

يا صاح، ولا يجوز: يا صاح، لأنّ من يضمّ المنادى يجعله بعد الحذف كاسم قائم بنفسه، لا دلالة فيه على المحذوف، فلم تحتمل النكرة أن يفعل بها هذا، قال امرؤ القيس (٢):

أصاح ترى برقا أريك وميضه ... كلمع اليدين فى حبىّ مكلّل

الحبيّ: السحاب المشرف.

والمكلّل: الذى بعضه على بعض.

وأما النكرات التى لم يقصد قصدها، فلم يجز ترخيمها لشياعها، وأنها معربة، وكذلك المضاف كقولك: يا جعفر تميم، لم يجز ترخيمه؛ لأنه معرب فى النداء، ولأن المضاف والمضاف إليه كاسم واحد، فآخر المضاف بمنزلة وسط الاسم، ووسط الاسم لا يرخّم، ولا يجوز أنّ يرخّم المضاف إليه؛ لأنه ليس بمنادى.

وأجاز الكوفيون ترخيم المضاف إليه، وأنشدوا شاهدا عليه:

خذوا حذركم يا آل عكرم واذكروا ... أواصرنا والرّحم بالغيب تذكر (٣)


(١) كتب فى الأصل «مذكر» ثم ضبّب عليها الناسخ، وكتبها بقلمه فى الحاشية: «منكّر» كما ترى. وانظر مسألة ترخيم «صاحب» فى المقتضب ٤/ ٢٤٣، وقد أورد عليها العلاّمة الشيخ عضيمة، رحمه الله، كلاما جيّدا مستقصيا، فانظره.
(٢) ديوانه ص ٢٤، وشرح القصائد السبع ص ٩٩، والكتاب ٢/ ٢٥٢، والمقتضب ٤/ ٢٣٤، والإنصاف ص ٦٨٤، وشرح المفصل ٩/ ٨٩. ويروى: «أحار ترى برقا» ترخيم «حارث» و «أعنّى على برق» ولا شاهد فيها.
(٣) فرغت منه فى المجلس التاسع عشر.