للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- فِي الحَدِيثِ بَيَانُ الذِّكْرِ المَشْرُوعِ عِنْدَ رُؤْيَةِ مَا يُكْرَهُ مِنَ الرِّيحِ، وَأَيضًا مَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ: كَانَ إِذَا اشْتَدَّتِ الرِّيحُ يَقُولُ: ((اللَّهُمَّ لَاقِحًا؛ لَا عَقِيمًا)) (١) (٢).

وَفِي الحَدِيثِ أَيضًا عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ إِذَا أَبْصَرْنَا شَيئًا فِي السَّمَاءِ -تَعْنِي السَّحَابَ- تَرَكَ عَمَلَهُ وَاسْتَقْبَلَهُ، قَالَ: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِيهِ))، فَإِنْ كَشَفَهُ اللهُ حَمِدَ اللهَ، وَإِنْ مَطَرَتْ؛ قَالَ: ((اللَّهُمَّ سَقْيًا نَافِعًا)) (٣).

- فَائِدَةٌ: "فِي الحَدِيثِ دِلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى أَنَّ الرِّيحَ قَدْ تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ، وَقَدْ تَأْتِي بِالعَذَابِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَينَهُمَا إِلَّا بِالرَّحْمَةِ وَالعَذَابِ، وَأَنَّهَا رِيحٌ وَاحِدَةٌ لَا رِيَاحٌ، فَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: ((اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحًا وَلَا تَجْعَلْهَا رِيحًا)) (٤) فَهُوَ بَاطِلٌ، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: لَا أَصْلَ لَهُ" (٥).

قَالَ الشَّيخُ ابْنُ عُثَيمِينَ عِنْدَ قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَينَ يَدَي رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ [الفُرْقَان: ٤٨]: "هَذِهِ الآيةُ فِيهَا عِدَّةُ قِرَاءَاتٍ: أَوَّلًا: (الرِّيَاحُ) فِيهَا قِرَاءَتَانِ سَبْعِيَّتَانِ، وَالدَّلِيلُ أَنَّ المُفَسِّرَ (٦) إِذَا قَالَ: (وَفِي قِرَاءَةٍ) فَهِيَ سَبْعِيَّةٌ، وَإِذَا قَالَ: (وَقُرِئَ) فَهِيَ شَاذَّةٌ، فَفِيهَا قِرَاءَتَانِ: (الرِّيَاحُ)


(١) صَحِيحٌ. الأَدَبُ المُفْرَدُ (٧١٨) عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (٢٠٥٨).
(٢) أَي: حَامِلًا لِلمَاءِ كَاللقْحَةِ مِنَ الإِبْلِ، وَ (العَقِيمُ) الَّتِي لَا مَاءَ فِيهَا، كَالعَقِيمِ مِنَ الحَيَوَانِ لَا وَلَدَ فِيهَا، وَكَمَا سَبَقَ فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِنْ شَيءٍ أَتَتْ عَلَيهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ﴾ [الذَّارِيَات: ٤١ - ٤٢].
(٣) صَحِيحٌ. السُّنَنُ الكُبْرَى لِلبَيهَقِيِّ (٦٤٦٩). مِشْكَاةُ المَصَابِيحِ (١٥٢٠).
(٤) بَاطِلٌ. الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ (١١/ ٢١٣). الضَّعِيفَةُ (٥٦٠٠).
(٥) قَالَهُ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ فِي الصَّحِيحَةِ (٢٧٥٦).
(٦) يُرِيدُ تَفْسِيرَ الجَلَالَينِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>