للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- المَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: إِذَا كَانَتِ الطِّيَرَةُ هِيَ مَا أَمْضَاكَ أَو رَدَّكَ؛ فَمَا الجَوَابُ عَنِ الحَدِيثِ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّا كُنَّا فِي دَارٍ كَثِيرٌ فِيهَا عَدَدُنَا وَكَثِيرٌ فِيهَا أَمْوَالُنَا، فَتَحَوَّلْنَا إِلَى دَارٍ أُخْرَى؛ فَقَلَّ فِيهَا عَدَدُنَا وَقَلَّتْ فِيهَا أَمْوَالُنَا! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : ((ذَرُوهَا ذَمِيمَةً)) (١)؟

الجَوَابُ هُوَ مِنْ وَجْهَينِ:

١ - دَرْءًا لِلمَفْسَدَةِ: فتَرْكُهَا لَيسَ مِنْ بَابِ التَّطَيُّر بِهَا، وَإنَّمَا لِدَرْءِ مَا قَدْ يُعْتَقَدُ مِنْ شُؤْمِهَا؛ فَيَقَعُ المُتَشَائِمُ بِهَا فِي الشِّركِ!

قَالَ صَاحِبُ عَونِ المَعْبُودِ: "قَالَ الخَطَّابِيُّ وَابْنُ الأَثِيرِ: إِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالتَّحَوُّلِ عَنْهَا إِبْطَالًا لِمَا وَقَعَ فِي نُفُوسِهِم مِنْ أَنَّ المَكْرُوهَ إِنَّمَا أَصَابَهُمْ بِسَبَبِ السُّكْنَى، فَإِذَا تَحَوَّلُوا عَنْهَا انْقَطَعَتْ مَادَّةُ ذَلِكَ الوَهْمِ وَزَالَ عَنْهُمْ مَا خَامَرَهُمْ مِنَ الشُّبْهَةِ" (٢).

٢ - أَنَّهَا سَبَبٌ قَدَرِيٌّ صَحِيحٌ لَيسَ لَهُ عَلَاقَةٌ بِالطِّيَرَةِ، فَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ الأَسْبَابِ الَّتِي إِذَا صَلَحَتْ سَعِدَ سَاكِنُهَا، وَإِذَا سَاءَتْ سَاءَ سَاكِنُهَا، وَقَدْ سَبَقَ مَعْنَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ حَدِيثِ: ((الشُّؤْمُ فِي المَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالفَرَسِ)).


(١) حَسَنٌ. أَبُو دَاوُدَ (٣٩٢٤) عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (٧٩٠).
(٢) عَونُ المَعْبُودِ (١٠/ ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>