للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفِرْقَةُ الأُولَى: القَدَرِيَّةُ

١ - تَعْرِيفُهَا:

هُمُ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ القَدَرَ، وَيَقُولُونَ: إِنَّ مَا يَجْرِي فِي هَذَا الكَونِ لَيسَ بِقَدَرٍ وَقَضَاءٍ مِنَ اللهِ تَعَالَى؛ وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ يَحْدُثُ بِفِعْلِ العَبْدِ بُدُونِ سَابِقِ عِلْمٍ وَتَقْدِيرٍ مِنَ اللهِ تَعَالَى (١)!

وَقَدْ وَصَفَهُم النَّبِيُّ بِمَجُوسِ هَذِهِ الأُمَّةِ، كَمَا فِي الحَدِيثِ: ((القَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الأُمَّةِ)) (٢).

وَأَبْرَزُ دُعَاتِهَا هُمْ دُعَاةُ الاعْتِزَالِ أَنْفُسُهُم؛ لِأَنَّ المُعْتَزِلَةَ قَدَرِيَّةٌ.

٢ - نَشْأَتُهَا:

"رُوِيَ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ ابْتَدَعَهُ بِالعِرَاقِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ يُقَالُ لَهُ: (سِيسَوَيه) مِنْ أَبْنَاءِ المَجُوسِ، وَتَلَقَّاهُ عَنْهُ مَعْبَدٌ الجُهَنِّيُّ. وَيُقَالُ: أَوَّلُ مَا حَدَثَ فِي الحِجَازِ لَمَّا احْتَرَقَتِ الكَعْبَةُ؛ فَقَالَ رَجُلٌ: احْتَرَقَتْ بِقَدَرِ اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ آخَرُ: لَمْ يُقَدِّرِ اللهُ هَذَا!

وَلَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَحَدٌ يُنْكِرُ القَدَرَ، فَلَمَّا ابْتَدَعَ هَؤُلَاءِ


(١) وَقَابَلَتْهُم فِرْقَةُ الجَبْرِيَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ العَبْدَ مَجْبُورٌ عَلَى فِعْلِهِ، وَلَيسَ لَهُ فِعْلٌ وَلَا اخْتِيَارٌ؛ وَإِنَّمَا هُوَ كَالرِّيشَةِ الَّتِي تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ بِغَيرِ اخْتِيَارِهَا!
قَالَ ابْنُ أَبِي العِزِّ الحَنَفِيُّ فِي شَرْحِ العَقِيدَةِ الطَّحَاوِيَّةِ (ص ١١٣): "وَسُمُّوا قَدَرِيَّةً لِإِنْكَارِهِمُ القَدَرَ، وَكَذَلِكَ تُسَمَّى الجَبْرِيَّةُ المُحْتَجُّونَ بِالقَدَرِ قَدَرِيَّةً أَيضًا، وَالتَّسْمِيَةُ عَلَى الطَّائِفَةِ الأُولَى أَغْلَبُ".
(٢) صَحِيحٌ. أَبُو دَاوُدَ (٤٦٩١) عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٤٤٤٢).
وَفِي الحَدِيثِ أَيضًا: ((صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي لَا يَرِدَانِ عَلَيَّ الحَوْضَ: القَدَرِيَّةُ، وَالْمُرْجِئَةِ)). السُّنَّةُ لِابْنِ أَبِي عَاصِمٍ (٢/ ٤٦٢)، وَهُوَ صَحِيحٌ. رَاجِعِ الصَّحِيحَةَ (٢٧٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>