للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- المَسْأَلَةُ الأُولَى: هَلْ يُقْتَلُ السَّاحِرُ؟

الجَوَابُ: فِيهَا عِدَّةُ أَقْوَالٍ:

١ - يُقْتَلُ مُطْلَقًا رِدَّةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالشِّرْكِ.

٢ - يُقْتَلُ رِدَّةً إِذَا كَانَ بِشِرْكٍ، وَحَدًّا إِذَا قَتَلَ غَيرَهُ بِدُونِ شِرْكٍ، كَاسْتِعْمَالِ المَوَادِّ المُمْرِضَةِ.

٣ - قَولُ شَيخِ الإِسْلَامِ؛ بِأَنَّهُ كَالزِّنْدِيقِ؛ يُتْرَكُ أَمْرُهُ إِلَى الإِمَامِ بِحَسْبِ مَا يَرَاهُ، إِنْ رَأَى المَصْلَحَةَ الشَّرْعِيَّةَ فِي قَتْلِهِ؛ قَتَلَهُ.

وَالأَرْجَحُ أَنَّ مَنْ خَرَجَ بِهِ السِّحْرُ إِلَى الكُفْرِ فَقَتْلُهُ قَتْلُ رِدَّةٍ، ومَنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ السِّحْرُ إِلَى الكُفْرِ فَقَتْلُهُ هُوَ مِنْ بَابِ دَفْعِ الصَّائِلِ؛ وَحَيثُ رَأَى الإِمَامُ المَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ.

وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّفْرِيقِ عُمُومُ أَمْرِ عُمَرَ لِلأُمَرَاءِ بِالقَتْلِ (١)، وَقَولُ جُنْدُبٍ وفِعْلُهُ، وَإِقْرَارُ سَلْمَانَ (٢)، وَكَذَا فِعْلُ حَفْصَةَ . وَقَدْ سَبَقَ فِي البَابِ المَاضِي بَيَانُ ذَلِكَ.

قَالَ الشَّيخُ ابْنُ عُثَيمِين رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "وَالحَاصِلُ: أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تُقْتَلَ السَّحَرَةُ -سَوَاءً قُلْنَا بِكُفْرِهِم أَمْ لَمْ نَقُلْ-، لِأَنَّهُم يُمْرِضُونَ وَيَقْتُلُونَ ويُفَرِّقُونَ بَينَ المَرْءِ وَزَوجِهِ، وَكَذَلِكَ بِالعَكْسِ، فَقَدْ يَعْطِفُونَ فَيُؤَلِّفُونَ بَينَ الأَعْدَاءِ، وَيَتَوَصَّلُونَ إِلَى أَغْرَاضِهِم، فَإِنَّ


(١) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ فِي كِتَابِهِ جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ (٢/ ١٢٥) -عِنْدَ شَرْحِ حَدِيثِ اِتِّبَاعِ سُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنَ الأَرْبَعِينَ النَّوَوِيَّةِ (رَقَم ٢٨) -: "وَبِكُلِّ حَالٍ، فَمَا جَمَعَ عُمَرُ عَلَيهِ الصَّحَابَةَ؛ فَاجْتَمَعُوا عَلَيهِ فِي عَصْرِهِ؛ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ الحَقُّ، وَلَو خَالَفَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْ خَالَفَ".
(٢) قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ مَوضِعُ إِنْكَارِهِ عَلَى جُنْدُبٍ هُوَ الافْتِئَاتُ عَلَى الأَمِيرِ وَمُبَاشَرَةُ الحَدِّ بِيَدِهِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>