للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسَائِلُ عَلَى البَابِ

- المَسْأَلَةُ الأُولَى: إِذَا كَانَتِ الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدٍ فِيهِ قَبْرٌ مَمْنُوعَةٌ! فَمَا الجَوَابُ عَنْ كَونِ النَّبِيِّ دُفِنَ فِي بَيتِهِ؛ رُغْمَ أَنَّ فِي البَيتِ عَائِشَةَ ، وَلَمْ يُنقلْ أَنَّهَا كَانَتْ تَتَحَرَّجُ مِنَ الصَّلَاةِ هُنَاكَ؟!

الجَوَابُ مِنْ عِدَّةِ جِهَاتٍ:

١ - أَنَّ هَذَا لَيسَ صَرِيحًا فِي الجَوَازِ، فَلَيسَ هُنَاكَ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي إِثْبَاتِ كَونِ عَائِشَةَ كَانَتْ تَصَلِّي عِنْدَ القَبْرِ! فَيَبْقَى الأَمْرُ عَلَى أَصْلِ النَّهْي.

٢ - أنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ كَانَ يَتَحَرَّجُونَ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ، كَمَا ثَبَتَ أَنَّ أَنَسًا ؛ قَالَ: (قُمْتُ يَومًا أُصَلِّي -وَبَينَ يَدِيَّ قَبْرٌ لَا أَشْعُرُ بِهِ-، فَنَادَانِي عُمَرُ: القَبْرَ! القَبْرَ! فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَعْنِي القَمَرَ، فَقَالَ لِي بَعْضُ مَنْ يِلِينِي: إِنَّمَا يَعْنِي القَبْرَ، فَتَنَحَّيتُ عَنْهُ) (١).

٣ - أَنَّهُ وَرَدَ مَا يُشِيرُ إِلَى المَنْعِ مِنْ ذَلِكَ، حَيثُ أَنَّ عَائِشَةَ جَعَلَتْ جِدَارًا فِي بَيتِهَا يِفْصِلُ بَينَهَا وَبَينَ القَبْرِ، كَمَا فِي طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ عَنِ الإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ؛ يَقُولُ: "قُسِمَ بَيتُ عَائِشَةَ بِاثْنَينِ: قِسْمٍ كَانَ فِيهِ القَبْرُ، وَقِسْمٍ تَكُونُ فِيهِ عَائِشَةُ، وَبَينَهُمَا حَائِطٌ" (٢).


(١) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (١/ ٩٣) مُعَلَّقًا، وَوَصَلَهُ الحَافِظُ، وَهُوَ عِنْدَ البَيهَقِيِّ فِي الكُبْرَى (٤٢٧٧)، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ (١٥٨١) وَغَيرُهُ، وَصَحَّحَهُ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ فِي كِتَابِهِ تَحْذِيرُ السَّاجِدِ (ص ٣٥).
(٢) طَبَقَاتُ ابْنِ سَعْدٍ (٢/ ٢٩٤).
قُلْتُ: فَإِذَا كَانَتْ عَائِشَةُ صَنَعَتْ ذَلِكَ الحَاجِزَ بينَهَا وَبَينَ قَبْرِ النَّبِيِّ ؛ فَكَيفَ بِمَنْ يَجْعَلُ القَبْرَ فِي المَسْجِدِ، وَيَتَحَرَّى الصَّلَاةَ إِلَيهِ!!

<<  <  ج: ص:  >  >>