للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْحُ

- مُنَاسَبَةُ البَابِ لِكِتَابِ التَّوحِيدِ وَلِمَا قَبْلَهُ مِنَ الأَبْوَابِ؛ هُوَ التَّخْوِيفُ مِنْ تَرْكِ التَّوحِيدِ بَعْدَ ذِكْرِ التَّرْغِيبِ فِي التَّوحِيدِ، فَيَكُونُ الأَمْرُ بِالتَّوحِيدِ قَدْ جَاءَ مِنْ جِهَةِ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ.

- أَورَدَ المُصَنِّفُ فِي البَابِ وَجْهَانِ لِلخَوفِ مِنَ الشِّرْكِ؛ هُمَا:

١ - أَنَّ الشِّرْكَ لَا يُغْفَرُ أَبَدًا.

٢ - أَنَّ الشِّرْكَ مِنْهُ شِرْكٌ أَصْغَرُ يَعْرِضُ لِلمُسْلِمِ فِي عِبَادَتِهِ لِرَبِّهِ؛ وَقَدْ لَا يَشْعُرُ بِهِ.

- قَولُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ أَي: لَا يَغْفِرُ لِعَبْدٍ لَقِيَهُ وَهُوَ مُشْرِكٌ ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ أَي: مِنَ الذُّنُوبِ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ (١).

وَلَكِنَّ الشِّرْكَ لَا يُغْفَرُ إِلَّا بِالتَّوبَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الأَنْفَال: ٣٨].

- فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ بَيَانُ أَنَّ الشِّرْكَ لَا يُغْفَرُ أَبَدًا، وَيَدْخُلُ فِيهِ الشِّرْكُ الأَكْبَرُ وَالأَصْغَرُ، وَلَكِنَّ الأَكْبَرَ يَتَمَيَّزُ عَنْهُ بِأَنَّ صَاحِبَهُ يَبْقَى يُعذَّبُ بِهِ فِي النَّارِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَبَدًا، وَذَلِكَ لِقَولِهِ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ [المَائِدَة: ٧٢].


(١) أَفَادَهُ الحَافِظُ ابْنُ كَثِير فِي التَّفْسِيرِ (٢/ ٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>