للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- شُبَهٌ وَجَوَابُهَا:

زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ صَرَفُوا بَعْضَ النُّصُوصِ عَنْ ظَاهِرِهَا! وَذَلِكَ مُلْزِمٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ بِالمُوَافَقَةِ عَلَى التَّأْوِيلِ أَوِ المُدَاهَنَةِ فِيهِ، وَقَالُوا: كَيفَ تُنْكِرُونَ عَلَينَا تَأْوِيلَ مَا أَوَّلْنَاهُ مَعَ ارْتِكَابِكُم لِمِثْلِهِ فِيمَا أَولَّتُمُوهُ؟

الجَوَابُ هُوَ مِنْ وَجْهَينِ:

الأَوَّلُ: جَوَابٌ مُجْمَلٌ:

أ- لَا نُسلِّمُ أَنَّ تَفْسِيرَ السَّلَفِ لَهَا هُوَ صَرْفٌ لَهَا عَنْ ظَاهِرِهَا، فَإِنَّ ظَاهِرَ الكَلَامِ هُوَ مَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ مِنَ المَعْنَى، وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِحَسْبِ السِّيَاقِ وَمَا يُضَافُ إِلَيهِ الكَلَامُ، فَإِنَّ الأَلْفَاظَ يَخْتَلِفُ مَعْنَاهَا بِحَسْبِ تَرْكِيبِ الكَلَامِ، وَالكَلَامُ مُرَكَّبٌ مِنْ أَلْفَاظٍ وَجُمَلٍ يَظْهَرُ مَعْنَاهَا وَيَتَعَيَّنُ بِضَمِّ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ.

ب- أَنَّنَا لَو سَلَّمْنَا أَنَّ تَفْسِيرَهُم صَرْفٌ لَهَا عَنْ ظَاهِرِهَا؛ فَإِنَّ لَهُم فِي ذَلِكَ دَلِيلًا مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ إِمَّا مُتَّصِلًا وَإِمَّا مُنْفَصِلًا، وَلَيسَ لِمُجَرَّدِ شُبُهَاتٍ يَزْعُمُهَا الصَّارِفُ بَرَاهِينَ وَقَطْعِيَّاتٍ يَتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى نَفْي مَا أَثْبَتَهُ اللهُ لِنَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ أَو عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ !

الثَّانِي: جَوَابٌ مُفَصَّلٌ، وَلنُمَثِّلْ بِالأَمْثِلَةِ التَّالِيَةِ:

١ - فَنَبْدَأُ بِمَا حَكَاهُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَالِيُّ (١) عَنْ بَعْضِ الحَنَابِلَةِ؛ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ أَحْمَدَ لَمْ يَتَأَوَّلْ إِلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: ((الحَجَرُ الأَسْوَدُ يَمِينُ اللهِ فِي الأَرْضِ يُصَافِحُ بِهَا عِبَادَهُ)


(١) إِحْيَاءُ عُلُومِ الدِّينِ (١/ ١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>