للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- المَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: هَلْ يُفَرَّقُ -مِنْ جِهَةِ النَّهْي عَنِ الصَّلَاةِ فِي المَسْجِدِ- بَينَ كَونِ القَبْرِ فِي قِبْلَةِ المُصَلِّي أَمْ لَا؟

الجَوَابُ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ، بَلْ تَزْدَادُ الكَرَاهَةُ (١).

خِلَافًا لِمَا ذَهَبَ إِلَيهِ بَعْضُ الأَفَاضِلِ (٢)؛ حَيثُ أَجَازَ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدٍ فِيهِ قَبْرٌ -إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي جِهَةِ القِبْلَةِ- بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ القَبْرُ طَارِئًا عَلَى المَسْجِدِ دُونَ العَكْسِ، وَوَجْهُ التَّفْرِيقِ دِلَالَةُ الحَدِيثِ: ((لَا تُصَلُّوا إِلَى قَبْرٍ، وَلَا تُصَلُّوا عَلَى قَبْرٍ)) (٣)، بِمَعْنَى أَنَّ النَّهْيَ هُوَ عَنِ الاسْتِقْبَالِ فَقَط، وَأَمَّا النَّهْيُ فِي حَالَةِ أَنْ يَكُونَ المَسْجِدُ طَارِئًا عَلَى القَبْرِ؛ هُوَ لِكَونِهِ صَارَ كَمَسْجِدِ الضِّرَارِ، حَيثُ قَالَ تَعَالَى فِيهِ: ﴿لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا﴾ [التَّوبَة: ١٠٨]!

وَالجَوَابُ عَلَى مَا سَبَقَ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَينَ كَونِ القَبْرِ فِي جِهَةِ القِبْلَةِ أَوْ لَا، وَذَلِكَ بِسَبَبِ:


(١) قَالَ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ فِي كِتَابِهِ (الثَّمَرُ المُسْتَطَابُ) (١/ ٣٨٠): "وَقَالَ الشَّيخُ مُحَمَّدُ يَحْيَى الكَانْدَهْلَوِيُّ الهِنْدِيُّ الحَنَفِيُّ فِي كِتَابِهِ (الكَوكَبُ الدُّريُّ عَلَى جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ) مَا نَصُّهُ: وَأَمَّا اتِّخَاذُ المَسَاجِدِ عَلَيهَا؛ فَإِنَّمَا فِيهِ مِنَ الشَّبَهِ بِاليَهُودِ فِي اتِّخَاذِهِم مَسَاجِدَ عَلَى قُبُورِ أَنْبِيَائِهِمِ وَكُبَرَائِهِم، وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِ المَيِّتِ وَشَبَهٍ بِعَبَدَةِ الأَصْنَامِ لَو كَانَ القَبْرُ فِي جَانِبِ القِبْلَةِ. وَكَرَاهَةُ كَونِهِ فِي جَانِبِ القِبْلَةِ أَكْثَرُ مِنْ كَرَاهَةِ كَونِهِ يَمِينًا أَو يَسَارًا، وَإِنْ كَانَ خَلْفَ المُصَلِّي فَهُوَ أَخَفُّ كَرَاهَةٍ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ، لَكِنْ لَا يَخْلُو عَنْ كَرَاهَةٍ.
وَقَدْ ذَكَرَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ وَالعَينِيُّ فِي العُمْدَةِ: أَنَّ القَبْرَ فِي المَسْجِدِ إِذَا كَانَ فِي جِهَةِ القِبْلَةِ فَإِنَّهُ تَزْدَادُ الكَرَاهَةُ. أ. هـ وَهَذَا هُوَ الحَقُّ فِي المَسْأَلَةِ حَسْبَ التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الهِنْدِيُّ".
(٢) كَالشَّيخِ ابْنِ عُثَيمِينَ . اُنْظُرْ أَشْرِطَةَ شَرْحِ صَحِيحِ البُخَارِيِّ لِلشَّيخِ ابْنِ عُثَيمِين -كِتَابُ الجَنَائِزِ- شَرِيطُ (رَقَم ٦/أ)، سُؤَالُ: "إِذَا كَانَ القَبْرُ عَنْ يَمِينِ الإِنْسَانِ أَو يَسَارِهِ؟ ".
(٣) صَحِيحٌ. الطَّبرانيُّ في الكَبِيرِ (١١/ ٣٧٦) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٧٣٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>