للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسَائِلُ عَلَى البَابِ

- مَسْأَلَةٌ: يُشْكِلُ جَوَازُ العَطْفِ فِي حَدِيثِ زَيدِ بْنِ خَالِدٍ -الَّذِي فِيهِ قَولُهُم: (اللهُ وَرَسُولُهُ أعلمُ) - مَعَ حَدِيثِ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبيِّ : مَا شَاءَ اللهُ وشِئْتَ. فَقَالَ: ((جَعَلتَ للهِ نِدًّا؟! مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ)) (١)؟

الجَوَابُ:

إِنَّ إِقْرَارَهُ لِقَولِهِم: (اللهُ وَرَسُولَهُ أَعْلَمُ) الَّذِي فِيهِ العَطْفُ بِالوَاوِ؛ هُوَ لِأَنَّ عِلْمَ الرَّسُولِ هَذَا -الشَّرْعِيَّ- هُوَ مِنْ عِلْمِ اللهِ تَعَالَى، فَهُوَ الَّذِي يُعلِّمُهُ مَا لَا يُدْرِكُهُ البَشَرُ.

وَكَذَلِكَ فِي المَسَائِلِ الشَّرْعيَّةِ الأُخْرَى يُقَالُ: (اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ أَعْلَمُ الخَلْقِ بِشَرْعِ اللهِ، وَعِلْمُهُ بِهِ هُوَ مِنْ تَعْلِيمِ اللهِ تَعَالَى لَهُ، وَمَا قَالَهُ فِي الشَّرْعِ فَهُوَ كَقَولِ اللهِ تَعَالَى، وَلَيسَ هَذَا كَقَولِهِ: (مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ)! لِأَنَّ هَذَا فِي بَابِ القَدَرِ وَالمَشِيئَةِ؛ وَمَشِيئَةُ النَّبِيِّ مُسْتَقِلَّةٌ عَنْ مَشِيئَتِهِ تَعَالَى، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الرَّسُولُ مَقْرُونًا مَعَ اللهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ (٢)، بَلْ يُقَالُ: مَا شَاءَ اللهُ؛ ثُمَّ يُعْطَفُ بِـ (ثُمَّ)، فَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الأُمُورَ الشَّرْعِيَّةَ يَصِحُّ فِيهَا العَطْفُ بِالوَاوِ، وَأَمَّا الكَونِيَّةَ، فَلَا.

قُلْتُ: وَبِمِثْلِهِ أَيضًا الجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ: ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ)) وَالَّذِي فِيهِ الهِجْرَةُ ((إِلى اللهِ وَرَسُولِهِ)) وَلَمْ يَقُلْ: (ثُمَّ رَسُولِهِ)، وَالجَوَابُ فِيهِ أَيضًا: أَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ


(١) صَحِيحٌ. الأَدَبُ المُفْرَدُ (٧٨٣) عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ. الصَّحِيحَةُ (١٣٩).
(٢) كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [الإِنْسَان: ٣٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>