للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- المَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: أَنْكَرَتِ المُعْتَزِلَةُ كَونَ النَّبِيِّ سُحِرَ، مِنْ أَوجُهٍ:

الشُّبْهَةِ الأُولَى: قَالُوا: هَذَا يُدْخِلُ طَعْنًا عَلَى تَبْلِيغِ الدِّينِ!

وَالجَوَابُ:

نَقُولُ: قَدْ ثَبَتَ كُلٌّ مِنَ الأَمْرَينِ، فنُثْبِتُ أَنَّ النَّبِيَّ قَدْ سُحِرَ (١)، وَنَنْفِي عَنْهُ الخَطَأَ فِي التَّشْرِيعِ.

قَالَ ابْنُ القَيِّمِ : "وَكَانَ غَايَةُ هَذَا السِّحْرِ فِيهِ؛ إِنَّمَا هُوَ فِي جَسَدِهِ وَظَاهِرِ جَوَارِحِهِ، لَا عَلَى عَقْلِه وَقَلْبِه، وَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ يَعْتَقِدُ صِحَّةَ مَا يُخَيَّلُ إِلَيهِ مِنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ، بَلْ يَعْلَمُ أَنَّهُ خَيَالٌ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَمِثْلُ هَذَا قَدْ يَحْدُثُ مِنْ بَعْضِ الأَمْرَاضِ. وَاللهُ أَعْلَمُ" (٢).


(١) قَالَ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ : "إنَّ هَذَا السِّحْرَ هُوَ مَا يُسَمَّى الآنَ بِالرَّبْطِ، فَلَا يَسْتَطِيعُ الرَّجُلُ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ، وَمَعْ هَذَا فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ فِي عَقْلِهِ، وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ سَائِرِ شُؤُونِهِ" أ. هـ بِتَصَرُّفٍ يَسِيرٍ مِنْ أَشْرِطَةِ فَتَاوَى جِدَّة (ش ١١).
وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (١٤/ ١٧٥) عَنِ القَاضِي عِيَاضٍ رَحِمَهُمَا اللهُ: "وَيُرْوَى: (يُخَيَّلُ إِلَيهِ): أَي: يَظْهَرُ لَهُ مِنْ نَشَاطِهِ وَمُتَقَدِّمِ عَادَتِهِ القُدْرَةُ عَلَيهِنَّ؛ فَإِذَا دَنَى مِنْهُنَّ أَخَذَتْهُ أَخْذَةُ السِّحْرِ فَلَم يَأْتِهِنَّ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَعْتَرِي المَسْحُورَ. وكُلُّ مَا جَاءَ فِي الرِّوَايَاتِ مِنْ أَنَّهُ يُخيَّلُ إِلَيهِ فِعْلُ شَيءٍ لَمْ يَفْعَلْهُ وَنَحْوُهُ فمَحْمُولٌ عَلَى التَّخيُّلِ بِالبَصَرِ لَا لِخَلَلٍ تَطَرَّقَ إِلَى العَقْلِ، وَلَيسَ فِي ذَلِكَ مَا يُدْخِلُ لَبْسًا عَلَى الرِّسَالَةِ".
(٢) زَادُ المَعَادِ (٤/ ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>