للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْحُ

- النَّذْرُ لُغَةً: الإِلْزَامُ وَالعَهْدُ. وَاصْطِلَاحًا: إِلْزَامُ المُكَلَّفِ نَفْسَهُ للهِ شَيئًا غَيرَ وَاجِبٍ (١).

- قَولُهُ تَعَالَى: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ﴾ يَدُلُّ عَلَى كَونِهِ عِبَادَةً، وَوَجْهُ الاسْتِدْلَالِ مِنْ جِهَتِينِ:

١ - أَنَّ اللهَ تَعَالَى عَلَّقَ النَّذْرَ بِعِلْمِهِ تَعَالَى بهِ؛ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَحَلُّ جَزَاءٍ.

٢ - أَنَّ سِيَاقَهُ سِيَاقُ مَدْحٍ؛ لِأَنَّهُ عَطَفَهُ عَلَى النَّفَقَةِ.

- وَجْهُ اسْتِدْلَالِ المُصَنِّفِ بِالآيَةِ هُنَا: هُوَ بَيَانُ أَنَّ النَّذْرَ عِبَادَةٌ للهِ؛ فَيَكُونُ جَعْلُهُ لِغَيرِ اللهِ شِرْكًا، وَهُوَ اتِّخَاذُ الأَنْدَادِ مَعَ اللهِ تَعَالَى، وَهَذَا أَصْلٌ ذَكَرَ أَدِلَّتَهُ المُصَنِّفُ فِي البابِ الأَوَّلِ، كَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [الإِسْرَاء: ٢٣]، وَكَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذَّارِيَات: ٥٦]، وَكَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيئًا﴾ [النِّسَاء: ٣٦]، وَكَقَولِهِ تَعَالَى أَيضًا ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيئًا﴾ [الأنْعَام: ١٥١].

- الفَرْقُ بَينَ النَّذْرِ لِغَيرِ اللهِ وَبَينَ نَذْرِ مَعْصِيَةِ اللهِ (٢):

١ - النَّذْرُ لِغَيرِ اللهِ: هُوَ شِرْكٌ، وَلَا يَنْعَقِدُ إِطْلَاقًا، وَلَا تَجِبُ فِيهِ كَفَّارَةٌ؛ وإنّما تَجِبُ فِيهِ التَّوبَةُ، وَمِنَ التَّوبَةِ قَولُ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) (٣).


(١) القَولُ المُفِيدُ (١/ ٢٣٥).
(٢) وَكِلَاهُمَا مَعْصِيَةٌ أَصْلًا.
(٣) قَالَ الخَطَّابِيُّ فِي كِتَابِهِ مَعَالِمُ السُّنَنِ (٤/ ٤٥) -تَعْلِيقًا عَلَى حَدِيثِ الحَلِفِ بِاللَّاتِ وَالعُزَّى-: "فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الحَلِفَ بِاللَّاتِ لَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ اليَمِينِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الإِنَابَةُ وَالاسْتِغْفَارُ".

<<  <  ج: ص:  >  >>